للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ خِطْبَةِ الْمُجْبَرَةِ إلَى وَلِيِّهَا وَالرَّشِيدَةِ إلَى نَفْسِهَا

٢٦٣٢ - (عَنْ عِرَاكٍ عَنْ عُرْوَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ عَائِشَةَ إلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إنَّمَا أَنَا أَخُوكَ فَقَالَ لَهُ: أَخِي فِي دِينِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَهِيَ لِي حَلَالٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا مُرْسَلًا) .

٢٦٣٣ - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «لَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَرْسَلَ إلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: إنَّ لِي بِنْتًا، وَأَنَا غَيُورٌ، فَقَالَ: أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ» مُخْتَصَرٌ مِنْ مُسْلِمٍ)

ــ

[نيل الأوطار]

وَآخِرُهَا عِنْدَهُمْ ذَاتُ الدِّينِ فَاظْفَرْ أَيُّهَا الْمُسْتَرْشِدُ بِذَاتِ الدِّينِ

قَوْلُهُ: (تَرِبَتْ يَدَاكَ) أَيْ لَصِقَتْ بِالتُّرَابِ: وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ الْفَقْرِ قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ لَكِنْ لَا يُرَادُ بِهِ حَقِيقَتُهُ، وَبِهَذَا جَزَمَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ، وَزَادَ غَيْرُهُ أَنَّ صُدُورَ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَقِّ مُسْلِمٍ لَا يُسْتَجَابُ لِشَرْطِهِ ذَلِكَ عَلَى رَبِّهِ وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ الْمَعْنَى اسْتَغْنَتْ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَتْرَبَ إذَا اسْتَغْنَى، وَتَرِبَ إذَا افْتَقَرَ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ضَعُفَ عَقْلُكَ، وَقِيلَ: افْتَقَرْت مِنْ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: فِيهِ شَرْطٌ مُقَدَّرٌ: أَيْ وَقَعَ لَك ذَلِكَ إنْ لَمْ تَفْعَلْ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَقِيلَ: مَعْنَى تَرِبَتْ: خَابَتْ

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَالَ الْأَرْبَعَ هِيَ الَّتِي يُرْغَبُ فِي نِكَاحِ الْمَرْأَةِ لِأَجْلِهَا فَهُوَ خَبَرٌ عَمَّا فِي الْوُجُودِ مِنْ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ وَقَعَ الْأَمْرُ بِهِ، بَلْ ظَاهِرُهُ إبَاحَةُ النِّكَاحِ لِقَصْدِ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: وَلَا يُظَنُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَ يُؤْخَذُ مِنْهَا الْكَفَاءَةُ: أَيْ تَنْحَصِرُ فِيهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْت وَإِنْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فِي الْكَفَاءَةِ مَا هِيَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْكَفَاءَةِ

[بَابُ خِطْبَةِ الْمُجْبَرَةِ إلَى وَلِيِّهَا وَالرَّشِيدَةِ إلَى نَفْسِهَا]

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ خِطْبَةَ الْمَرْأَةِ الصَّغِيرَةِ الْبِكْرِ تَكُونُ إلَى وَلِيِّهَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَفِيهِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ إنْكَاحِ الْبِكْرِ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ مَخْصُوصٌ بِالْبَالِغَةِ الَّتِي يُتَصَوَّرُ مِنْهَا الْإِذْنُ وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا إذْنَ لَهَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الْإِجْبَارِ وَالِاسْتِئْمَارِ قَوْلُهُ: (وَأَنَا غَيُورٌ) هَذِهِ الصِّيغَةُ يَسْتَوِي فِيهَا الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا غَيُورٌ، وَالْمُرَادُ بِالْغَيْرَةِ الَّتِي وَصَفَتْ بِهَا نَفْسَهَا أَنَّهَا تَغَارُ إذَا تَزَوَّجَ زَوْجُهَا امْرَأَةً أُخْرَى، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ قَبْلَهَا قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَأَغَارَ أَهْلَهُ تَزَوَّجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>