للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِجْبَارِ وَالِاسْتِئْمَارِ

٢٦٦٠ - (عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ: «تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ، وَزُفَّتْ إلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ)

ــ

[نيل الأوطار]

الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الذَّاتَ الْمَوْجُودَةَ أَعْنِي صُورَةَ الْعَقْدِ بِدُونِ وَلِيٍّ لَيْسَتْ بِشَرْعِيَّةٍ، أَوْ يَتَوَجَّهُ إلَى الصِّحَّةِ الَّتِي هِيَ أَقْرَبُ الْمَجَازَيْنِ إلَى الذَّاتِ، فَيَكُونُ النِّكَاحُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ بَاطِلًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ، وَكَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ الْمُرَادِفِ لِلْبُطْلَانِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا عَلِيٌّ وَعُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْعِتْرَةُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَالُوا: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِدُونِ وَلِيٍّ

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إنَّهُ لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْوَلِيُّ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا» وَسَيَأْتِي وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ اعْتِبَارُ الرِّضَا مِنْهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: لِلْوَلِيِّ الْخِيَارُ فِي غَيْرِ الْكُفْءِ وَتَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ فِي الْكُفْءِ وَعَنْ مَالِكٍ: يُعْتَبَرُ الْوَلِيُّ فِي الرَّفِيعَةِ دُونَ الْوَضِيعَةِ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ لَمْ تُفَصِّلْ. وَعَنْ الظَّاهِرِيَّةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْبِكْرِ فَقَطْ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِمِثْلِ مَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ الَّذِي قَبْلَهُ

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَخْذًا بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا» وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ هُوَ الْأَقْرَبُ مِنْ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ ثُمَّ مِنْ السَّبَبِ ثُمَّ مِنْ عَصَبَتِهِ، وَلَيْسَ لِذَوِي السِّهَامِ وَلَا لِذَوِي الْأَرْحَامِ وِلَايَةٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ وَلِيٌّ أَوْ كَانَ مَوْجُودًا وَعَضَلَ انْتَقَلَ الْأَمْرُ إلَى السُّلْطَانِ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي إسْنَادِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ

[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِجْبَارِ وَالِاسْتِئْمَارِ]

الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانِهَا، وَلَعَلَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ الِاسْتِئْذَانِ، وَكَذَلِكَ صَنَعَ الْبُخَارِيُّ قَالَ الْحَافِظُ: وَلَيْسَ بِوَاضِحِ الدَّلَالَةِ، بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ وُرُودِ الْأَمْرِ بِاسْتِئْذَانِ الْبِكْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، فَإِنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ

وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ قَالَ الْمُهَلَّبُ: أَجْمَعُوا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>