للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ اللُّبْسِ

٢٢٨ - (عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: «كُنْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي مَسِيرٍ فَأَفْرَغْت عَلَيْهِ مِنْ الْإِدَاوَةِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ أَهْوَيْت لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَبِي دَاوُد: «دَعْ الْخُفَّيْنِ فَإِنِّي أَدْخَلْت الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا) » .

٢٢٩ - (وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَمْسَحُ أَحَدُنَا عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إذَا أَدْخَلَهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ» رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ)

ــ

[نيل الأوطار]

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْخُفُّ الْكَبِيرُ وَقَدْ قَالَ بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ مَنْ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ الصَّحَابَةِ، وَزَادَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِيَّ وَعُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ.

وَعَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلَيْنِ. قِيلَ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى النَّعْلَيْنِ إذَا لَبِسَهُمَا فَوْقَ الْجَوْرَبَيْنِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يَجُوزُ مَسْحُ الْجَوْرَبَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُنَعَّلَيْنِ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِمَا. .

[بَابُ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ اللُّبْسِ]

حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا هَذَا أَحَدُهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ أَنَّهُ رَوَاهُ سِتُّونَ صَحَابِيًّا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَزَّارُ، وَأَنَّهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهِيَ بَعْدَ الْمَائِدَةِ بِالِاتِّفَاقِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَهْوَيْت) أَيْ مَدَدْت يَدِي، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَهْوَيْت بِالشَّيْءِ: إذَا أَوْمَأْت بِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَهْوَيْت: قَصَدْت الْهَوِيَّ مِنْ الْقِيَامِ إلَى الْقُعُودِ، وَقِيلَ: الْإِهْوَاءُ: الْإِمَالَةُ.

قَوْلُهُ: «فَإِنِّي أَدْخَلْتهمَا طَاهِرَتَيْنِ» هُوَ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي اللُّبْسِ لِتَعْلِيلِهِ عَدَمَ النَّزْعِ بِإِدْخَالِهِمَا طَاهِرَتَيْنِ وَهُوَ مُقْتَضٍ أَنَّ إدْخَالَهُمَا غَيْرَ طَاهِرَتَيْنِ يَقْتَضِي النَّزْعَ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ وَالْمُزَنِيِّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد: يَجُوزُ اللُّبْسُ عَلَى حَدَثٍ ثُمَّ يُكْمِلُ طَهَارَتَهُ، وَالْجُمْهُورُ حَمَلُوا الطَّهَارَةَ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ وَخَالَفَهُمْ دَاوُد فَقَالَ: الْمُرَادُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى رِجْلَيْهِ نَجَاسَةٌ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ إكْمَالَ الطَّهَارَةِ فِيهِمَا شَرْطٌ حَتَّى لَوْ غَسَلَ إحْدَاهُمَا وَأَدْخَلَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>