للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفِيَّةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَكَانَتْ ثَيِّبًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الْقَسْمِ لِلْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ الْجَدِيدَتَيْنِ]

لَفْظُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي إسْنَادِهِ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَحَدِيثُ أَنَسٍ الْآخَرُ فِي الْإِقَامَةِ عِنْدَ صَفِيَّةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ، وَرِجَالُ أَبِي دَاوُد رِجَالُ الصَّحِيحِ قَوْلُهُ: (سَبَّعْتُ لَكِ) فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ " وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْتُ ثُمَّ دُرْتُ، قَالَتْ: ثَلِّثْ " وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ أَنَّهَا أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ مَانِعَةً لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا، فَقَالَ لَهَا: " إنْ شِئْتِ " الْحَدِيثَ.

وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا تَعَدَّى السَّبْعَ لِلْبِكْرِ وَالثَّلَاثَ لِلثَّيِّبِ بَطَلَ الْإِيثَارُ، وَوَجَبَ قَضَاءُ سَائِرِ الزَّوْجَاتِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ بِالنَّصِّ فِي الثَّيِّبِ وَالْقِيَاسِ فِي الْبِكْرِ، وَلَكِنْ إذَا وَقَعَ مِنْ الزَّوْجِ تَعَدِّي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِإِذْنِ الزَّوْجَةِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ " أَنَّهُ لَا يَلْحَقُكِ هَوَانٌ وَلَا يُضَيِّعُ مِنْ حَقِّكِ.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: الْمُرَادُ بِأَهْلِكِ هُنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفْسُهُ: أَيْ إنِّي لَا أَفْعَلُ فِعْلًا بِهِ هَوَانُكِ. قَوْلُهُ: " قَالَ أَبُو قِلَابَةَ. . . إلَخْ " قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: قَوْلُ أَبِي قِلَابَةَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدَهُمَا: أَنْ يَكُونَ ظَنَّ أَنَّهُ سَمِعَهُ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا لَفْظًا فَتَحَرَّزَ عَنْهُ تَوَرُّعًا. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ رَأَى أَنَّ قَوْلَ أَنَسٍ: مِنْ السُّنَّةِ، فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، فَلَوْ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى حَسَبِ اعْتِقَادِهِ لَصَحَّ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ. قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " مِنْ السُّنَّةِ " يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا بِطَرِيقٍ اجْتِهَادِيٍّ مُحْتَمَلٍ. وَقَوْلُهُ أَنَّهُ رَفَعَهُ نَصٌّ فِي رَفْعِهِ، وَلَيْسَ لِلرَّاوِي أَنْ يَنْقُلَ مَا هُوَ ظَاهِرٌ مُحْتَمَلٌ إلَى مَا هُوَ نَصٌّ فِي رَفْعِهِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِهِ: مِنْ السُّنَّةِ كَذَا، وَبَيْنَ رَفْعِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ عَنْ أَنَسٍ وَقَالُوا فِيهِ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الْبَيْهَقِيّ وَمُسْتَخْرَجِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَصَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ وَصَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَالدَّارِمِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ تُؤْثَرُ بِسَبْعٍ وَالثَّيِّبَ بِثَلَاثٍ. قِيلَ: وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ قَبْلَ الْجَدِيدَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَاكِيًا عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: إنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ بِسَبَبِ الزِّفَافِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ أَمْ لَا.

وَحَكَى النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهَا وَإِلَّا فَيَجِبُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا يُوَافِقُ كَلَامَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ أَنْ لَا فَرْقَ وَإِطْلَاقُ الشَّافِعِيِّ يُعَضِّدُهُ. وَيُمْكِنُ التَّمَسُّكُ لِقَوْلِ مَنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ قَبْلَ الْجَدِيدَةِ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ: " وَإِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ ". وَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال لِمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا: «لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ» . قَالَ الْحَافِظُ: لَكِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>