للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُهُ اُنْظُرْ إلَى شَبَهِهِ؛ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: هَذَا أَخِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي؛ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى شَبَهِهِ، فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَالَ: هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، قَالَ: فَلَمْ يَرَ سَوْدَةَ قَطُّ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَرِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: " هُوَ أُخُوكَ يَا عَبْدُ ")

٢٩٢١ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: «مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلَائِدَهُمْ ثُمَّ يَعْتَزِلُونَهُنَّ، لَا يَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إلَّا أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا، فَاعْزِلُوا بَعْدَ ذَلِكَ. أَوْ اُتْرُكُوا» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ دُونَ الزَّانِي]

حَدِيثُ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» مَرْوِيٌّ مِنْ طَرِيقِ بِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ نَفْسًا مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْحَافِظُ. قَوْلُهُ: (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ) اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْفِرَاشِ، فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَرْأَةِ. وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ حَالَةِ الِافْتِرَاشِ. وَقِيلَ: إنَّهُ اسْمٌ لِلزَّوْجِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ مُسْتَدِلًّا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلَ جُرَيْجٍ.

بَاتَتْ تُعَانِقُهُ وَبَاتَ فِرَاشَهَا

وَفِي الْقَامُوسِ: إنَّ الْفِرَاشَ: زَوْجَةُ الرَّجُلِ، قِيلَ: وَمِنْهُ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ. وَالْجَارِيَةُ يَفْتَرِشُهَا الرَّجُلُ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) الْعَاهِرُ: الزَّانِي، يُقَالُ عَهَرَ: أَيْ زَنَى، قِيلَ: وَيَخْتَصُّ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: عَهَرَ الْمَرْأَةَ كَمَنَعَ عَهْرًا وَيُكْسَرُ وَيُحَرَّكُ، وَعَهَارَةً بِالْفَتْحِ وَعُهُورَةً، وَعَاهَرَهَا عِهَارًا: أَتَاهَا لَيْلًا لِلْفُجُورِ أَوْ نَهَارًا انْتَهَى. وَمَعْنَى لَهُ الْحَجَرُ: الْخَيْبَةُ، أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَهُ الْحَجَرُ وَبِفِيهِ التُّرَابُ، يُرِيدُونَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْخَيْبَةُ

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْحَجَرِ أَنَّهُ يُرْجَمُ بِالْحِجَارَةِ إذَا زَنَى، وَلَكِنَّهُ لَا يُرْجَمُ بِالْحِجَارَةِ كُلُّ زَانٍ بَلْ الْمُحْصَنُ فَقَطْ. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا يُلْحَقُ بِالْأَبِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفِرَاشِ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ إمْكَانِ الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَاسْتُدِلَّ لَهُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْمَظِنَّةِ كَافِيَةٌ، وَرُدَّ بِمَنْعِ حُصُولِهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِ الْوَطْءِ وَلَا شَكَّ أَنَّ اعْتِبَارَ مُجَرَّدِ الْعَقْدِ فِي ثُبُوتِ الْفِرَاشِ جُمُودٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ قَدْ حَكَى ابْنُ الْقَيِّمِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقُولُ: بِأَنَّ نَفْسَ الْعَقْدِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهَا بَلْ لَوْ طَلَّقَهَا عَقِبَهُ فِي الْمَجْلِسِ تَصِيرُ بِهِ الزَّوْجَةُ فِرَاشًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُلَاحِظُ الْمَظِنَّةَ أَصْلًا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ فِي الْغَيْثِ أَنَّهُ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْفِرَاشِ وَلُحُوقِ الْوَلَدِ. وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَا وَطِئَ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>