للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩٥٤ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقَعَنَّ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ وَحَمْلُهَا لِغَيْرِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ)

٢٩٥٥ - (وَعَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِ مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَزَادَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقَعْ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا» وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَنْكِحَنَّ ثَيِّبًا مِنْ السَّبَايَا حَتَّى تَحِيضَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ إذَا مُلِكَتْ]

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَهُوَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ. وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ وَطْءَ السَّبَايَا حَتَّى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ» وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ. قَوْلُهُ: (أَوْطَاسٍ) هُوَ وَادٍ فِي دِيَارِ هَوَازِنَ

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهُوَ مَوْضِعُ الْحَرْبِ بِحُنَيْنٍ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّ وَادِيَ أَوْطَاسٍ غَيْرُ وَادِي حُنَيْنٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي السِّيَرِ. قَوْلُهُ: (مُجِحٍّ) بِضَمِّ الْمِيمِ ثُمَّ جِيمٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ: وَهِيَ الْحَامِلُ الَّتِي قَدْ قَارَبَتْ الْوِلَادَةَ عَلَى مَا فَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ الْأَمَةَ الْمَسْبِيَّةَ إذَا كَانَتْ حَامِلًا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا. وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ الْأَمَةَ الْمَسْبِيَّةَ إذَا كَانَتْ حَائِلًا حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ

وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالثَّوْرِيُّ وَالنَّخَعِيِّ وَمَالِكٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: " وَلَا غَيْرَ حَامِلٍ " أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِلْبِكْرِ، وَيُؤَيِّدُهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تَجِبُ مَعَ الْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إنَّمَا يَجِبُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ تَعْلَمْ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا وَأَمَّا مَنْ عَلِمَتْ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِي حَقِّهَا. وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ عَذْرَاءَ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا إنْ شَاءَ وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْهُ وَسَيَأْتِي. وَيُؤَيِّدُ هَذَا حَدِيثُ رُوَيْفِعٍ الْآتِي فَإِنَّ قَوْلَهُ فِيهِ: «فَلَا يَنْكِحَنَّ ثَيِّبًا مِنْ السَّبَايَا حَتَّى تَحِيضَ» يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ

وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا حَدِيثُ عَلِيٍّ الْآتِي قَرِيبًا فَيَكُونُ هَذَا مُخَصِّصًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ: " وَلَا غَيْرَ حَامِلٍ " أَوْ مُقَيِّدًا لَهُ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ. قَالَ الْمَازِرِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ: الْقَوْلُ الْجَامِعُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ كُلَّ أَمَةٍ أُمِنَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ، وَكُلُّ مَنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ شُكَّ فِي حَمْلِهَا أَوْ تُرُدِّدَ فِيهِ فَالِاسْتِبْرَاءُ لَازِمٌ فِيهَا، وَكُلُّ مَنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا لَكِنَّهُ يَجُوزُ حُصُولُهُ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي ثُبُوتِ الِاسْتِبْرَاءِ وَسُقُوطِهِ

وَمِنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إنَّمَا هُوَ لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَحَيْثُ تُعْلَمُ الْبَرَاءَةُ لَا يَجِبُ، وَحَيْثُ لَا يُعْلَمُ وَلَا يُظَنُّ يَجِبُ: أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ، وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الْجَلَالُ وَالْمُقْبِلِيُّ وَالْمَغْرِبِيُّ وَالْأَمِيرُ، وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَعْقُولَةٌ، فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ الْمَئِنَّةُ كَالْحَمْلِ وَلَا الْمَظِنَّةُ كَالْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ فَلَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ تَعَدَّى وَأَنَّهُ يَجِبُ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ وَكَذَا فِي حَقِّ الْبِكْرِ وَالْآيِسَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ

٢٩٥٤ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقَعَنَّ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ وَحَمْلُهَا لِغَيْرِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ)

٢٩٥٥ - (وَعَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِ مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَزَادَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقَعْ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا» وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَنْكِحَنَّ ثَيِّبًا مِنْ السَّبَايَا حَتَّى تَحِيضَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْبِكْرَ لَا تُسْتَبْرَأُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إذَا وُهِبَتْ الْوَلِيدَةُ الَّتِي تُوطَأُ أَوْ بِيعَتْ أَوْ أُعْتِقَتْ فَلْتُسْتَبْرَأْ بِحَيْضَةٍ، وَلَا تُسْتَبْرَأُ الْعَذْرَاءُ، حَكَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ مَا الظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، فَرَوَى بُرَيْدَةَ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا إلَى خَالِدٍ، يَعْنِي إلَى الْيَمَنِ لِيَقْبِضَ الْخُمْسَ، فَأَصْفَى عَلِيٌّ مِنْهُ سَبِيَّةً فَأَصْبَحَ وَقَدْ اغْتَسَلَ، فَقُلْت لِخَالِدٍ: أَلَا تَرَى إلَى هَذَا؟ وَكُنْت أُبْغِضُ عَلِيًّا؛ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرْت لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا بُرَيْدَةَ أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟ فَقُلْت: نَعَمْ، فَقَالَ: لَا تُبْغِضْهُ فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمْسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

وَفِي رِوَايَةٍ «قَالَ: أَبْغَضْت عَلِيًّا بُغْضًا لَمْ أُبْغِضْهُ أَحَدًا، وَأَحْبَبْت رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ أُحْبِبْهُ إلَّا عَلَى بُغْضِهِ عَلِيًّا، قَالَ: فَبُعِثَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى خَيْلٍ فَصَحِبْتُهُ فَأَصَبْنَا سَبَايَا، قَالَ: فَكَتَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ابْعَثْ إلَيْنَا مَنْ يُخَمِّسُهُ، قَالَ: فَبَعَثَ إلَيْنَا عَلِيًّا، وَفِي السَّبْيِ وَصِيفَةٌ. هِيَ مِنْ أَفْضَلِ السَّبْيِ، قَالَ فَخَمَّسَ وَقَسَمَ، فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا هَذَا؟ قَالَ: أَلَمْ تَرَوْا إلَى الْوَصِيفَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي السَّبْيِ فَإِنِّي قَسَمْت وَخَمَّسْت فَصَارَتْ فِي الْخُمُسِ ثُمَّ صَارَتْ فِي أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ عَلِيٍّ وَوَقَعْت بِهَا، قَالَ: فَكَتَبَ الرَّجُلُ إلَى نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقُلْت:. ابْعَثْنِي، فَبَعَثَنِي مُصَدِّقًا، فَجَعَلْت أَقْرَأُ الْكِتَابَ وَأَقُولُ: صَدَقَ، قَالَ: فَأَمْسَكَ يَدَيَّ وَالْكِتَابَ وَقَالَ: أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا تُبْغِضْهُ، وَإِنْ كُنْت تُحِبُّهُ فَازْدَدْ لَهُ حُبًّا، فَوَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَنَصِيبُ آلِ عَلِيٍّ فِي الْخُمْسِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيفَةٍ، قَالَ: فَمَا كَانَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ بَعْدَ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ بَعْضَ الشُّرَكَاءِ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي قِسْمَةِ مَالِ الشَّرِكَةِ، وَالْمُرَادُ بِآلِ عَلِيٍّ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَفْسُهُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>