للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ إيجَابِ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ

٢٦١ - (عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَاسْتِفَادَتُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِعَدَمِ ذِكْرِ الصَّلَاةِ فِيهِ. وَأَمَّا ذِكْرُ الْمَسْجِدِ فَوَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا يَقْتَضِي التَّقْيِيدَ، وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ سِيَاقِهِ: وَهَذَا اللَّفْظُ عَامٌّ فِي حَالِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا اهـ. عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالصَّلَاةِ فِي حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ إنَّمَا وَقَعَ فِي سُؤَالِ السَّائِلِ وَفِي جَعْلِهِ مُقَيِّدًا لِلْجَوَابِ خِلَافٌ فِي الْأُصُولِ مَشْهُورٌ. .

[بَابُ إيجَابِ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا. وَفِي الْبَابِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ وَالِدِ أَبِي الْمَلِيحِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ أَوْضَحْت طُرُقَهُ وَأَلْفَاظَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَوَائِلِ التِّرْمِذِيِّ. قَوْلُهُ: (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ) قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلِ. قَوْلُهُ: (وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ) الْغُلُولُ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ: هُوَ الْخِيَانَةُ، وَأَصْلُهُ السَّرِقَةُ مِنْ مَالِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَاخْتَلَفُوا مَتَى فُرِضَتْ الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ، فَذَهَبَ ابْنُ الْجَهْمِ إلَى أَنَّ الْوُضُوءَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ سُنَّةً، ثُمَّ نَزَلَ فَرْضُهُ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: بَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَرْضًا، وَقَدْ اسْتَوْفَى الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ فِي الْفَتْحِ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ الْوُضُوءُ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ إلَى الصَّلَاةِ أَمْ عَلَى الْمُحْدِثِ خَاصَّةً؟ ، فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ مِنْ السَّلَفِ إلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَرْضٌ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] الْآيَةَ وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ ثُمَّ نُسِخَ. وَقِيلَ: الْأَمْرُ بِهِ عَلَى النَّدْبِ. وَقِيلَ: لَا بَلْ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا لِمَنْ يُحْدِثُ، وَلَكِنْ تَجْدِيدُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مُسْتَحَبٌّ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: حَاكِيًا عَنْ الْقَاضِي: وَعَلَى هَذَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْفَتْوَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمْ خِلَافٌ، وَمَعْنَى الْآيَةِ عِنْدَهُمْ: إذَا قُمْتُمْ مُحْدِثِينَ، وَهَكَذَا نَسَبَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ إلَى الْأَكْثَرِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْأَنْصَارِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شُقَّ عَلَيْهِ وُضِعَ عَنْهُ الْوُضُوءُ إلَّا مِنْ حَدَثٍ» .

وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ صَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إنَّك فَعَلْت

<<  <  ج: ص:  >  >>