للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١٠٩ - (عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ وَلَمْ يَسْأَلْهُ، قَالَ وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ إلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِي كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ - أَوْ حَدَّكَ -» أَخْرَجَاهُ وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ نَحْوُهُ) .

بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ

ــ

[نيل الأوطار]

وَالْحَاكِمُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّثَبُّتُ فَيُمْكِنُ مُنَاقَشَتُهُ بِمَنْعِ الصُّغْرَى، وَالسَّنَدُ أَنَّ الْحَاكِمَ هُوَ مَنْ يَفْصِلُ الْخُصُومَاتِ بَيْنَ الْعِبَادِ عِنْدَ التَّرَافُعِ إلَيْهِ، وَلَا خُصُومَةَ هَهُنَا بَلْ مُجَرَّدُ التَّنْفِيذِ لِمَا شَرَعَهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَعَدَّى حُدُودَهُ بِشَهَادَةِ لِسَانِهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَكَوْنُ الْمَانِعِ مُجَوِّزًا لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَدْحَ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ الْوَاقِعِ بَعْدَ كَمَالِ السَّبَبِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِشُرُوطِهِ وَإِلَّا لَزِمَ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْأَمْوَالِ وَالْحُقُوقِ فَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ مَثَلًا بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ عِنْدَهُ رَجُلٌ بِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ رَجُلٍ أَنْ يَقُولَ لَهُ: لَعَلَّكَ أَرَدْتَ الْمَجَازَ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْكَ الْأَخْذُ حَقِيقَةً لَعَلَّك كَذَا لَعَلَّك كَذَا، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ، وَبَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ وُجُودَ الْمَانِعِ مُجَوِّزٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالْأَمْوَالِ وَالْحُقُوقِ كَمَا هُوَ مُجَوِّزٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا، فَتَقَرَّرَ لَك بِهَذَا أَنَّ إيجَابَ الِاسْتِفْصَالِ عَلَى الْإِمَامِ فِي مِثْلِ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَجَعْلَهُ شَرْطًا لِإِقَامَةِ الْحَدِّ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ حَاكِمًا غَيْرُ مُنْتَهِضٍ، فَالْأَوْلَى التَّعْوِيلُ عَلَى أَحَادِيثِ الْبَابِ الْقَاضِيَةِ بِمُطْلَقِ مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا لَا بِالْمَشْرُوعِيَّةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالْوُجُوبِ أَوْ الشَّرْطِيَّةِ. .

[بَابُ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ وَلَمْ يُسَمِّهِ لَا يُحَدُّ]

لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ: «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْنُ مَعَهُ إذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَسَكَتَ عَنْهُ ثُمَّ أَعَادَ فَسَكَتَ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبِعَهُ الرَّجُلُ وَاتَّبَعْتُهُ أَنْظُرُ مَاذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ حِينَ خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِك أَلَيْسَ قَدْ تَوَضَّأْتَ فَأَحْسَنْتَ الْوُضُوءَ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: ثُمَّ شَهِدْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَك حَدَّكَ أَوْ قَالَ: ذَنْبَكَ» .

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ قَالَ: «إنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ فَأَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا فَأَنَا هَذَا فَأَقِمْ عَلَيَّ مَا شِئْتَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْكَ لَوْ سَتَرْت عَلَى نَفْسِكَ، فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا فَدَعَاهُ فَتَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>