للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١٤٨ - (عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلَا مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

فِيهِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْقَطْعُ بِالْعَفْوِ مُطْلَقًا وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: " فَهَلَّا كَانَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ " الْإِخْبَارُ لَهُ عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَنَّهُمَا إنَّمَا يَصِحَّانِ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْإِمَامِ لَا بَعْدَهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ قَبْلَ الرَّفْعِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثَيْ الْبَابِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْحِرْزِ. وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُمْ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا.

وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمَسْجِدَ حِرْزٌ لِمَا دَاخِلَهُ مِنْ آلَةٍ وَغَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ أَنْ جَعَلَ صَفْوَانُ خَمِيصَتَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ كَمَا ثَبَتَ فِي الرِّوَايَاتِ، وَأَمَّا جَعْلُ الْمَسْجِدِ حِرْزًا لِآلَتِهِ فَقَطْ فَخِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ كَانَ غَايَتُهُ تَخْصِيصُ الْحِرْزِ بِمِثْلِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهِ لِمَا فِي تَرْكِ الْقَطْعِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَفْسَدَةِ وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِعُمُومِ آيَةِ السَّرِقَةِ فَلَا يَنْتَهِضُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ لِأَنَّهُ عُمُومٌ مَخْصُوصٌ بِالْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِاعْتِبَارِ الْحِرْزِ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ اعْتِبَارَهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْقَامُوسِ: السَّرِقَةُ وَالِاسْتِرَاقُ: الْمَجِيءُ لِأَخْذِ مَالِ غَيْرِهِ مِنْ حِرْزٍ، فَهَذَا إمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ جَعَلَ الْحِرْزَ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِ السَّرِقَةِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْخَطِيبِ فِي تَيْسِيرِ الْبَيَانِ.

[مَا جَاءَ فِي الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْخَائِنِ وَجَاحِدِ الْعَارِيَّةِ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْخَائِنِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ مَكِّيِّ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَالَ: لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْخَائِنَ غَيْرُ مَكِّيٍّ. قَالَ الْحَافِظُ: قَدْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: «لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَلَا عَلَى الْخَائِنِ قَطْعٌ» وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ يَاسِينِ بْنِ مُعَاذٍ الزَّيَّاتِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد. قَالَ الْحَافِظُ أَيْضًا: وَقَدْ رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَأَسْنَدَهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَرَوَاهُ سُوَيْد بْنُ نَصْرٍ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ. قَالَ النَّسَائِيّ: وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَالْفَضْلُ بْنُ مُوسَى وَابْنُ وَهْبٍ وَمَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>