للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٢٨٨ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «سَمَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْحَرْبَ خُدْعَةً» ) .

٣٢٨٩ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ) .

٣٢٩٠ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُسْبَسًا عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ. فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَكَلَّمَ فَقَالَ: إنَّ لَنَا طَلِبَةً فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي ظَهْرِهِمْ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: لَا، إلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا رَكْبَ الْمُشْرِكِينَ إلَى بَدْرٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ)

بَاب تَرْتِيب السَّرَايَا وَالْجُيُوش وَاِتِّخَاذ الرَّايَات وَأَلْوَانهَا

ــ

[نيل الأوطار]

[بَاب مَا يَفْعَلهُ الْإِمَام إذَا أَرَادَ الْغَزْو مِنْ كِتْمَان حَاله وَالتَّطَلُّع عَلَى حَالَ عَدُوِّهِ]

قَوْلُهُ: (وَرَّى) أَيْ سَتَرَ وَيُسْتَعْمَلُ فِي إظْهَارِ شَيْءٍ مَعَ إرَادَةِ غَيْرِهِ. وَأَصْلُهُ مِنْ الْوَرْيِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: هُوَ مَا يُجْعَلُ وَرَاءَ الْإِنْسَانِ، لِأَنَّ مَنْ وَرَّى بِشَيْءٍ جَعَلَهُ وَرَاءَهُ. وَقِيلَ: هُوَ فِي الْحَرْبِ أَخْذُ الْعَدُوِّ عَلَى غِرَّةٍ. وَقَيَّدَ السِّيرَافِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ بِالْهَمْزَةِ. قَالَ: وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ لَمْ يَضْبُطُوا فِيهِ الْهَمْزَةَ فَكَأَنَّهُمْ سَهَّلُوهَا. قَوْلُهُ: (خُدْعَةٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا مَعَ سُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأُولَى أَفْصَحُ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ وَالْقَزَّازُ، وَالثَّانِيَةُ ضُبِطَتْ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَرَجَّحَ ثَعْلَبٌ الْأُولَى وَقَالَ: بَلَّغَنَا بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ طَلْحَةَ: أَرَادَ ثَعْلَبٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الْبِنْيَةَ كَثِيرًا لِوَجَازَةِ لَفْظِهَا وَلِكَوْنِهَا تُعْطِي مَعْنَى الْبِنْيَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ.

قَالَ: وَيُعْطِي مَعْنَاهُمَا أَيْضًا الْأَمْرُ بِاسْتِعْمَالِ الْحِيلَةِ مَهْمَا أَمْكَنَ وَلَوْ مَرَّةً، قَالَ: فَكَانَتْ مَعَ اخْتِصَارِهَا كَثِيرَةَ الْمَعْنَى. وَمَعْنَى خُدْعَةٍ بِالْإِسْكَانِ: أَنَّهَا تَخْدَعُ أَهْلَهَا مِنْ وَصْفِ الْفَاعِلِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ أَوْ مِنْ وَصْفِ الْمَفْعُولِ كَمَا يُقَالُ: هَذَا الدِّرْهَمُ ضَرْبُ الْأَمِيرِ: أَيْ مَضْرُوبُهُ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ: أَيْ إذَا خُدِعَ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ تُقَلْ عَثْرَتُهُ. وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي الْإِتْيَانِ بِالتَّاءِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْوَحْدَةِ، فَإِنَّ الْخِدَاعَ إنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَكَأَنَّهُ حَضَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْكُفَّارِ فَكَأَنَّهُ حَذَّرَهُمْ مِنْ مَكْرِهِمْ، وَلَوْ وَقَعَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا يَنْبَغِي التَّهَاوُنُ بِهِمْ لِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ الْمَفْسَدَةِ وَلَوْ قَلَّ، وَفِي اللُّغَةِ الثَّالِثَةِ صِيغَةُ الْمُبَالَغَةِ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ. وَحَكَى الْمُنْذِرِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>