للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ قَضَاءُ كُلِّ الْمَنْذُورَاتِ عَنْ الْمَيِّتِ

٣٨٧١ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ لَمْ تَقْضِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اقْضِهِ عَنْهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَةً جَعَلَتْ أُمُّهَا عَلَى نَفْسِهَا صَلَاةً بِقُبَاءَ يَعْنِي ثُمَّ مَاتَتْ، فَقَالَ: صَلِّي عَنْهَا قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْأَحَادِيثِ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ بِاعْتِبَارِ الصَّلَاةِ فِيهِ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ قَوْلُهُ: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مَكَانَ النَّذْرِ إذَا كَانَ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيَّةُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَلْزَمُ وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ وَإِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَهُ الْمَشْيُ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذَا كَانَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَمَا عَدَا الْأَمْكِنَةَ الثَّلَاثَةَ فَلَا يَتَعَيَّنُ مَكَانًا لِلنَّذْرِ وَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ

وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ مَنْعَ السَّفَرَ وَشَدَّ الرَّحْلِ إلَى غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ جَمِيعِ الْبِقَاعِ، وَقَدْ وَقَعَ لِحَفِيدِ الْمُصَنِّفِ فِي ذَلِكَ وَقَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ عَصْرِهِ لَا يَتَّسِعُ الْمَقَامُ لِبَسْطِهَا.

[بَابٌ قَضَاءُ كُلِّ الْمَنْذُورَاتِ عَنْ الْمَيِّتِ]

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي أَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّهُ نَحْوُ مَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ " أَنَّ امْرَأَةً جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا مَشْيًا إلَى مَسْجِدِ قُبَاءَ فَمَاتَتْ وَلَمْ تَقْضِهِ، فَأَفْتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنَتَهَا أَنْ تَمْشِيَ عَنْهَا وَجَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُ ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ: إنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ ابْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ " أَوْرَدَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِهِ مَوْقُوفًا، ثُمَّ قَالَ: وَالنَّقْلُ فِي هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مُضْطَرِبٌ. قَالَ الْحَافِظُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ الْإِثْبَاتِ فِي حَقِّ مَنْ مَاتَ وَالنَّفْيُ فِي حَقِّ الْحَيِّ: قَالَ: ثُمَّ وَجَدْتُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِهِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ بِمَا إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ شَيْءٌ وَاجِبٌ فَعِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ فَقَالَ: يُصَامُ عَنْهُ النَّذْرُ. وَقَالَ: ابْنُ الْمُنِيرِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ صَلِّي عَنْهَا الْعَمَلَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ، فَعَدَّ مِنْهَا الْوَلَدَ " لِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْ كَسْبِهِ فَأَعْمَالُهُ الصَّالِحَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>