للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ وَالْأَحْكَامِ

بَابُ وُجُوبِ نَصْبِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ وَغَيْرِهِمَا

٣٨٧٢ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

٣٨٧٣ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ وَالْأَحْكَامِ] [بَابُ وُجُوبِ نَصْبِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ وَغَيْرِهِمَا]

حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ قَدْ أَخْرَجَ نَحْوَهُمَا الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِلَفْظِ «إذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فِي سَفَرٍ فَأَمِّرُوا أَحَدَكُمْ ذَاكَ أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ «إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فِي سَفَرٍ فَلْيُأَمِّرُوا أَحَدَهُمْ» وَأَخْرَجَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ يَشْهَدُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَقَدْ سَكَتَ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ عَنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَكِلَاهُمَا رِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ إلَّا عَلِيَّ ابْنَ بَحْرٍ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَلَفْظُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُأَمِّرُوا أَحَدَهُمْ» وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ لِكُلِّ عَدَدٍ بَلَغَ ثَلَاثَةً فَصَاعِدًا أَنْ يُؤَمِّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ السَّلَامَةَ مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي يُؤَدِّي إلَى التَّلَافِ، فَمَعَ عَدَمِ التَّأْمِيرِ يَسْتَبِدُّ كُلُّ وَاحِدٍ بِرَأْيِهِ وَيَفْعَلُ مَا يُطَابِقُ هَوَاهُ فَيَهْلِكُونَ، وَمَعَ التَّأْمِيرِ يَقِلُّ الِاخْتِلَافُ وَتَجْتَمِعُ الْكَلِمَةُ، وَإِذَا شُرِّعَ هَذَا لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ يُسَافِرُونَ فَشَرْعِيَّتُهُ لِعَدَدٍ أَكْثَرَ يَسْكُنُونَ الْقُرَى وَالْأَمْصَارَ وَيَحْتَاجُونَ لِدَفْعِ التَّظَالُمِ وَفَصْلِ التَّخَاصُمِ أَوْلَى وَأَحْرَى

وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ نَصْبُ الْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ وَاجِبَةٌ، لَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا هَلْ الْوُجُوبُ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا، فَعِنْدَ الْعِتْرَةِ وَأَكْثَرِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ تَجِبُ شَرْعًا، وَعِنْدَ الْإِمَامِيَّةِ تَجِبُ عَقْلًا فَقَطْ، وَعِنْدَ الْجَاحِظِ وَالْبَلْخِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ تَجِبُ عَقْلًا وَشَرْعًا، وَعِنْدَ ضِرَارٍ وَالْأَصَمِّ وَهِشَامٍ الْقُوتِيِّ وَالنَّجَدَاتُ لَا تَجِبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>