للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي الصَّلَاةُ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَعِنْدَهُ طَهُورُهُ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ اشْتِرَاطِ دُخُولِ الْوَقْتِ لِلتَّيَمُّمِ]

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي إسْنَادُهُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ هَكَذَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ: يَعْنِي التَّيْمِيَّ عَنْ سَيَّارٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَذَكَرَهُ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ إلَّا سَيَّارًا الْأُمَوِيَّ وَهُوَ صَدُوقٌ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ. وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسِ عِنْدَ أَحْمَدَ. وَعَنْ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ، وَعَنْ أَنَسٍ أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ. وَرَوَاهُ السِّرَاجُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ قَالَ الْعِرَاقِيُّ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ الْخَطَّابِيِّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ، وَسَيَأْتِي فِي الصَّلَاةِ. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ فِي كِتَابِ السَّيْرِ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْمَقْصُودَ. وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ أَبِي دَاوُد. وَعَنْ أَبِي مُوسَى عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَعَنْ عُمَرَ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ، وَفِي إسْنَادِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا

قَوْلُهُ: (جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا) أَيْ مَوْضِعَ سُجُودٍ لَا يَخْتَصُّ السُّجُودُ مِنْهَا بِمَوْضِعٍ دُون غَيْرِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا عَنْ الْمَكَانِ الْمَبْنِيِّ لِلصَّلَاةِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتْ الصَّلَاةُ فِي جَمِيعِهَا كَانَتْ كَالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ، قَالَ الدَّاوُدِيّ وَابْنُ التِّينِ: وَالْمُرَادُ أَنَّ الْأَرْضَ جُعِلَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَجُعِلَتْ لِغَيْرِهِ مَسْجِدًا وَلَمْ تُجْعَلْ لَهُ طَهُورًا؛ لِأَنَّ عِيسَى كَانَ يَسْبَحُ فِي الْأَرْضِ وَيُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاة، وَقِيلَ: إنَّمَا أُبِيحَ لَهُمْ مَوْضِعٌ يَتَيَقَّنُونَ طَهَارَتُهُ، بِخِلَافِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنَّهُ أُبِيحَ لَهُمْ التَّطَهُّرُ وَالصَّلَاةُ إلَّا فِيمَا تَيَقَّنُوا نَجَاسَتَهُ.

وَالْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيِّ: وَهُوَ أَنَّ مَنْ قَبْلَهُ إنَّمَا أُبِيحَتْ لَهُمْ الصَّلَاةَ فِي أَمَاكِنَ مَخْصُوصَةٍ كَالْبِيَعِ وَالصَّوَامِعِ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِلَفْظِ: «وَكَانَ مِنْ قَبْلِي إنَّمَا يُصَلُّونَ فِي كَنَائِسِهِمْ» وَهَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ فَثَبَتَتْ الْخُصُوصِيَّةُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يُصَلِّي حَتَّى يَبْلُغَ مِحْرَابَهُ» قَوْلُهُ: (وَطَهُورًا) بِفَتْحِ الطَّاءِ: أَيْ مَطْهَرَةً، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التُّرَابَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ كَالْمَاءِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الطَّهُورِيَّةِ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ جَائِزٌ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لِعُمُومِ لَفْظِ الْأَرْضِ لِجَمِيعِهَا، وَقَدْ أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ: " كُلّهَا " كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ. وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُ بِتَخْصِيصِ التُّرَابِ بِمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا» وَهَذَا خَاصٌّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ الْعَامُّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ تُرْبَةَ كُلِّ مَكَان مَا فِيهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال. وَرُدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>