للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِوِجْدَانِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

٣٦٦ - (عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

«لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ حِبَّانَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ؛ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُمَا عِنْدَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ صَلَاةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ فَسَدَ بِوُجُودِ الْمَاءِ فَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ.

وَمَا قِيلَ: مِنْ تَأْوِيل الْحَدِيثِ بِأَنَّهُمَا وَجَدَا بَعْدَ الْوَقْتِ فَتَعَسُّفٌ يُخَالِفَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ مِنْ أَنَّهُمَا وَجَدَا ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ. وَأَمَّا إذَا وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَجَبَ الْوُضُوءُ عِنْدَ الْعِتْرَةِ وَالْفُقَهَاءِ. وَقَالَ دَاوُد وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَا يَجِبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] وَأَمَّا إذَا وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ عِنْدَ الْهَادِي وَالنَّاصِرِ وَالْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَأَبِي طَالِبٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَابْنِ شُرَيْحٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَدَاوُد: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ بَلْ يَحْرُمُ وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (أَصَبْتَ السُّنَّةَ) أَيْ الشَّرِيعَةَ الْوَاجِبَةَ قَوْلُهُ: (وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ) أَيْ كَفَتْكَ عَنْ الْقَضَاءِ، وَالْإِجْزَاءُ عِبَارَةُ عَنْ كَوْنِ الْفِعْلِ مُسْقِطًا لِلْإِعَادَةِ. .

[بَابُ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِوِجْدَانِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَبِي قِلَابَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي الْجِمَاعِ لِعَادِمِ الْمَاءِ. وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ، عَلَى وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُطْلَقٌ فِيمَنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَمَنْ وَجَدَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَحَالَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا.

وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ مُقَيَّدٌ بِمَنْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، فَتَخْرُجُ هَذِهِ الصُّورَةُ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَتَبْقَى صُورَةُ وُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ فِعْلِ التَّيَمُّمِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ قَبْل الْفَرَاغِ مِنْهَا دَاخِلَتَيْنِ تَحْتَ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ. وَفِي كِلَا الصُّورَتَيْنِ خِلَافٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، وَلَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ) فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ الْمُدَّعَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>