للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧٤ - (عَنْ «أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبُخَارِيُّ لَا يَذْكُرُ بَعْدَ الطُّهْرِ)

ــ

[نيل الأوطار]

ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبًّا. انْتَهَى. وَعَلَى فَرْضِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ فَهَذَا جَمْعٌ حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّقَ الْغُسْلَ بِقُوَّتِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ قَرِينَةً دَالَّةً عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: (أَيُّهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَ عَنْكِ) .

قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فِيهِ أَنَّ الْغُسْلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَا يَجِبُ بَلْ يُجْزِئُهَا الْغُسْلُ لِحَيْضِهَا الَّذِي تَجْلِسُهُ، وَأَنَّ الْجَمْعَ لِلْمَرَضِ جَائِزٌ، وَأَنَّ جَمْعَ الْفَرِيضَتَيْنِ لَهَا بِطَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ جَائِزٌ، وَأَنَّ تَعْيِينَ الْعَدَدِ مِنْ السِّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ بِاجْتِهَادِهَا لَا بِتَشْبِيهِهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (حَتَّى إذَا رَأَيْتِ أَنْ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَيْتِ) . انْتَهَى.

[بَابُ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ بَعْدَ الْعَادَةِ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ بِلَفْظِ: " كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا " يَعْنِي فِي الْحَيْضِ. وَلِلدَّارِمِيِّ " بَعْدَ الْغُسْلِ " قَالَ الْحَافِظُ: وَوَقَعَ فِي النِّهَايَةِ وَالْوَسِيطِ زِيَادَةٌ فِي هَذَا " وَرَاءَ الْعَادَةِ " وَهِيَ زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: «كُنَّا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ حَيْضًا» فَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَا أَعْلَمُ مَنْ رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ.

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ لَيْسَتَا مِنْ الْحَيْضِ وَأَمَّا فِي وَقْتِ الْحَيْضِ فَهُمَا حَيْضٌ، وَقَدْ نُسِبَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ إلَى زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالْهَادِي وَالْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَأَبِي طَالِبٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالْعَنْبَرِيِّ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْقَاسِمِ وَعَنْ النَّاصِرِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ فِي الْبَحْرِ مُسْتَدِلًّا لَهُمْ إذْ هُوَ أَذَى، وَلِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَمْنَةَ: «إذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَيْتِ فَصَلِّي» وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْقَاسِمِ لَيْسَ حَيْضًا إذَا تَوَسَّطَهُ الْأَسْوَدُ، لِحَدِيثِ «إذَا رَأَيْتِ الدَّمَ الْأَسْوَدَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ، حَتَّى إذَا كَانَ الصُّفْرَةُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي» وَلِحَدِيثِ الْبَابِ؛ وَعُورِضَا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ: «لَا تُصَلِّي حَتَّى تَرَيْ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ» .

وَقَوْلُهُ: «كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضًا» وَلِكَوْنِهِمَا أَذًى خَرَجَ مِنْ الرَّحِمِ فَأَشْبَهَ الدَّمَ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ النَّاصِرِ وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمَا حَيْضٌ بَعْدَ الدَّمِ لِأَنَّهُمَا مِنْ آثَارِهِ لَا قَبْلَهُ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْفَرْقَ تَحْكُم، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ: إنْ رَأَتْهُمَا فِي الْعَادَةِ فَحَيْضٌ وَإِلَّا فَلَا، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْبَحْرِ. وَحَدِيثُ الْبَابِ إنْ كَانَ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ: إنَّ الْمُرَادَ كُنَّا فِي زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ عِلْمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>