للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ

٤٧٨ - (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا لَا كَفَّارَةَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِمُسْلِمٍ: «إذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] » .

٤٧٩ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤] » . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

وَعَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ مِنْ دَوَاعِي الْفُرْقَةِ، وَعَدَمِ الْوُجُوبِ لِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثُ: " إنْ شِئْتَ وَقَوْلُهُ تَطَوُّعًا " وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى فِقْهِ الْحَدِيثِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ رَأَى الْمُعَادَةَ نَافِلَةً، وَلِمَنْ لَمْ يُكَفِّرْ تَارِكَ الصَّلَاةِ، وَلِمَنْ أَجَازَ إمَامَةَ الْفَاسِقِ انْتَهَى.

اسْتَنْبَطَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَاَلَّذِي. قَبْلَهُ ثَلَاثَةَ أَحْكَامٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَعَلَى الثَّانِي فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلَعَلَّهُ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَمَاعَةِ، وَالْحَقُّ جَوَازُ الِائْتِمَامِ بِالْفَاسِقِ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى الْمَنْعِ كَحَدِيثِ: «لَا يَؤُمَّنَّكُمْ ذُو جَرَاءَةٍ فِي دِينِهِ» وَحَدِيثِ: «لَا يَؤُمَّنَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا» وَنَحْوِهِمَا ضَعِيفَةٌ لَا تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ وَكَذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى جَوَازِ الِائْتِمَامِ بِالْفَاسِقِ كَحَدِيثِ: «صَلُّوا وَرَاءَ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَحَدِيثِ: «صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» وَنَحْوِهِمَا ضَعِيفَةٌ أَيْضًا وَلَكِنَّهَا مُتَأَيِّدَةٌ بِمَا هُوَ الْأَصْلُ الْأَصِيلُ وَهُوَ أَنَّ مَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِنَفْسِهِ صَحَّتْ لِغَيْرِهِ فَلَا نَنْتَقِلُ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ إلَى غَيْرِهِ إلَّا لِدَلِيلٍ نَاهِضٍ وَقَدْ جَمَعْنَا فِي هَذَا الْبَحْثِ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً وَلَيْسَ الْمَقَامُ مَقَامَ بَسْطِ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ.

[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

قَوْلُهُ: (مَنْ نَسِيَ) تَمَسَّكَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْعَامِدَ لَا يَقْضِي الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوطِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْسَ لَا يُصَلِّي، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ دَاوُد وَابْنُ حَزْمٍ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنَيْ الْهَادِي وَالْأُسْتَاذِ، وَرِوَايَةً عَنْ الْقَاسِمِ وَالنَّاصِرِ.

قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ حَفِيدُ الْمُصَنِّفِ: وَالْمُنَازِعُونَ لَهُمْ لَيْسَ لَهُمْ حُجَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>