للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْوَابُ الْأَذَانِ

بَابُ وُجُوبِهِ وَفَضِيلَتِهِ

٤٨٥ - (عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ لَا يُؤَذِّنُونَ وَلَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[أَبْوَابُ الْأَذَانِ]

الْأَذَانُ لُغَةً: الْإِعْلَامُ نَقَلَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ. وَشَرْعًا: الْإِعْلَامُ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهُوَ مَعَ قِلَّةِ أَلْفَاظِهِ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَسَائِلِ الْعَقَائِدِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ نَقْلًا عَنْ الْقُرْطُبِيِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَسَيَأْتِي مَا يُرْشِدُ إلَى الصَّوَابِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ ابْتِدَاءً شَرْعِيَّةِ الْأَذَانِ فَقِيلَ: نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ ابْنُ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ فِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ وَهُوَ مِمَّنْ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ. وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ وَفِي إسْنَادِهِ طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَعِنْدَ ابْنِ مَرْدُوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِثْلُهُ وَفِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ وَعِنْدَ الْبَزَّارِ وَغَيْرِهِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَفِي إسْنَادِهِ زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَبُو الْجَارُودِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، قَالَ الْحَافِظُ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ، وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ فَلْيُرْجَعْ إلَيْهِ. وَقِيلَ: كَانَ فَرْضُ الْأَذَانِ عِنْدَ قُدُومِ الْمُسْلِمِينَ الْمَدِينَةَ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ وَلَيْسَ يُنَادِي بِهَا أَحَدٌ فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا مَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضِهِمْ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اتَّخَذُوا قَرْنًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ» وَهَذَا أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي تَعْيِينِ ابْتِدَاءِ وَقْتِ الْأَذَانِ.

[بَابُ وُجُوبِهِ وَفَضِيلَتِهِ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَكِنْ لَفْظُ أَبِي دَاوُد: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْك بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» .

وَالْحَدِيثُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِأَنَّ التَّرْكَ الَّذِي هُوَ نَوْعٌ مِنْ اسْتِحْوَاذِ الشَّيْطَانِ يَجِبُ تَجَنُّبُهُ. وَإِلَى وُجُوبِهِمَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعِتْرَةِ وَعَطَاءٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمَالِكٌ وَالْإِصْطَخْرِيُّ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَمُجَاهِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>