للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ حَمْلِ الْمُحْدِثِ وَالْمُسْتَجْمِرِ فِي الصَّلَاةِ وَثِيَابِ الصِّغَارِ وَمَا شُكَّ فِي نَجَاسَتِهِ

٥٩٧ - (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الَّتِي تَجَنُّبُهَا فِي الصَّلَاةِ لَا لِمَخَافَةِ التَّلَوُّثِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِذَلِكَ لَأَخْبَرَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْقُعُودَ حَالَ لُبْسِهَا مَظِنَّةٌ لِلتَّلَوُّثِ بِمَا فِيهَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يُمْكِنُ مِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْخَبَثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ لِلِاتِّفَاقِ بَيْنَ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْأَخْبَثَيْنِ هُمَا الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ أَنْ سَاقَ الْحَدِيثَ مَا لَفْظُهُ: وَفِيهِ أَنَّ دَلْك النِّعَالَ يُجْزِئُ، وَأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ أُمَّتَهُ أُسْوَتُهُ فِي الْأَحْكَامِ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ فِي النَّعْلَيْنِ لَا تُكْرَهُ، وَأَنَّ الْعَمَلَ الْيَسِيرَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ النِّعَالَ مُطَهِّرٌ لَهَا فِي أَبْوَابِ تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ.

وَأَمَّا أَنَّ أُمَّتَهُ أُسْوَتُهُ فَهُوَ الْحَقُّ وَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْأَصْلِ مَشْهُورٌ وَأَمَّا عَدَمُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ فَسَيَأْتِي. وَأَمَّا الْعَفْوُ عَنْ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ فَسَيَأْتِي أَيْضًا. وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ جَوَازُ الْمَشْيِ إلَى الْمَسْجِدِ بِالنَّعْلِ.

[بَابُ حَمْلِ الْمُحْدِثِ وَالْمُسْتَجْمِرِ فِي الصَّلَاةِ وَثِيَابِ الصِّغَارِ وَمَا شُكَّ فِي نَجَاسَتِهِ]

قَوْلُهُ: (وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ) قَالَ الْحَافِظُ: الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ التَّنْوِينُ وَنَصْبُ أُمَامَةَ وَرُوِيَ بِالْإِضَافَةِ، وَزَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى عَاتِقِهِ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَلَى رَقَبَتِهِ. أُمَامَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمَيْنِ كَانَتْ صَغِيرَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ بَعْدَ مَوْتِ فَاطِمَةَ بِوَصِيَّةٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا) هَكَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ، كُلُّهُمْ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ شَيْخِ مَالِكٍ. وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ عَنْ مَالِكٍ " فَإِذَا سَجَدَ ". وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ " حَتَّى إذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ وَقَامَ أَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا " وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ فِعْلَ الْحَمْلِ وَالْوَضْعِ كَانَ مِنْهُ لَا مِنْهَا، وَهُوَ يَرُدُّ تَأْوِيلَ الْخَطَّابِيِّ حَيْثُ قَالَ: يُشْبِهُ أَنْ تَكُونُ الصَّبِيَّةُ قَدْ أَلِفَتْهُ، فَإِذَا سَجَدَ تَعَلَّقَتْ بِأَطْرَافِهِ وَالْتَزَمَتْهُ، فَيَنْهَضُ مِنْ سُجُودِهِ فَتَبْقَى مَحْمُولَةً كَذَلِكَ إلَى أَنْ يَرْكَعَ فَيُرْسِلَهَا. وَيَرُدُّ أَيْضًا قَوْلَ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ: إنَّ لَفْظَ حَمَلَ لَا يُسَاوِي لَفْظَ وَضَعَ فِي اقْتِضَاءِ فِعْلِ الْفَاعِلِ. لِأَنَّا نَقُولُ: فُلَانٌ حَمَلَ كَذَا وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَمَلَهُ، بِخِلَافِ وَضَعَ. فَعَلَى هَذَا فَالْفِعْلُ الصَّادِرُ مِنْهُ هُوَ الْوَضْعُ لَا الرَّفْعُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>