للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْفِرَاءِ وَالْبُسُطِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمَفَارِشِ

٦٠٣ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ) .

ــ

[نيل الأوطار]

السَّفَرِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ قَصِيرِهِ وَطَوِيلِهِ، وَقَيَّدَهُ مَالِكٌ بِسَفَرِ الْقَصْرِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يَجُوزُ التَّنَفُّلُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْبَلَدِ وَسَيَعْقِدُ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بَابًا فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْقِبْلَةِ.

[بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْفِرَاءِ وَالْبُسُطِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمَفَارِشِ]

الْحَدِيثُ فِي إسْنَادِهِ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ الْجُنْدِيُّ، ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ. وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فَرْدَ حَدِيثٍ مَقْرُونًا بِآخَرَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ زَمْعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَسَلَمَةَ قَالَ أَحَدُهُمَا عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ، وَابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: «كَانَ يَقُولُ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ قَالَ: وَنُضِحَ بِسَاطٌ لَنَا فَصَلَّى عَلَيْهِ» .

قَوْلُهُ: (بِسَاطٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ جَمْعُهُ بُسْطٌ بِضَمِّهَا وَتَسْكِينِ السِّينِ وَضَمِّهَا وَهُوَ مَا يُبْسَطُ أَيْ يُفْرَشُ، وَأَمَّا الْبَسَاطُ بِفَتْحِ الْبَاءِ فَهِيَ الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ، قَالَ عُدَيْلُ بْنُ الْفَرْخِ الْعِجْلِيّ:

وَدُونَ يَدِ الْحَجَّاجِ مِنْ أَنْ تَنَالَنِي ... بِسَاطٌ لِأَيْدِي النَّاعِجَاتِ عَرِيضُ

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْبُسُطِ، وَقَدْ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَقَدْ كَرِهَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ، فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا قَالَا: الصَّلَاةُ عَلَى الطُّنْفُسَةِ وَهِيَ الْبِسَاطُ الَّذِي تَحْتَهُ خَمْلٌ مُحْدَثَةٌ.

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَيُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ. وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُسْجَدَ عَلَى شَيْءٍ دُونَ الْأَرْضِ. وَإِلَى الْكَرَاهَةِ ذَهَبَ الْهَادِي وَمَالِكٌ، وَمَنَعَتْ الْإِمَامِيَّةُ صِحَّةَ السُّجُودِ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ مِنْ الْأَرْضِ. وَكَرِهَ مَالِكٌ أَيْضًا الصَّلَاةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ فَدَخَلَتْهُ صِنَاعَةٌ أُخْرَى كَالْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَإِنَّمَا كَرِهَهُ مِنْ جِهَةِ الزَّخْرَفَةِ. وَاسْتَدَلَّ الْهَادِي عَلَى كَرَاهَةِ مَا لَيْسَ مِنْ الْأَرْضِ بِحَدِيثِ: «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْأَرْضِ لَا يَشْمَلُ ذَلِكَ، قَالَ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ: وَهُوَ وَهْمٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ فِي الْحَدِيثِ التُّرَابُ بِدَلِيلِ " وَطَهُورًا " وَإِلَّا لَزِمَ مَذْهَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>