للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنْ لَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِيهِ ذِكْرُ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ» . الْحَدِيثَ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَلُزُومِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ عَنْهُمَا]

الْحَدِيثُ فِيهِ زِيَادَاتٌ وَلَهُ طُرُقٌ، وَسَنُشِيرُ إلَى بَعْضِهَا عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى مُفْرَدَاتِهِ. وَفِي الْبَابِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ. قَوْلُهُ: (فَدَخَلَ رَجُلٌ) هُوَ خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ كَذَا بَيَّنَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ

قَوْلُهُ: (فَصَلَّى) زَادَ النَّسَائِيّ رَكْعَتَيْنِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ صَلَّى نَفْلًا. قَالَ الْحَافِظُ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ) زَادَ الْبُخَارِيُّ فَرَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي مُسْلِمٍ وَكَذَا الْبُخَارِيِّ فِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ. وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَرُدُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنَيَّرِ مِنْ أَنَّ الْمَوْعِظَةَ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ أَهَمُّ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ. وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ قَالَ: وَلَعَلَّهُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا لَهُ عَلَى جَهْلِهِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ

قَوْلُهُ: (فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ) قَالَ عِيَاضٌ: فِيهِ أَنَّ أَفْعَالَ الْجَاهِلِ فِي الْعِبَادَةِ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ لَا تُجْزِئُ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ نَفْيُ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ تَمَسَّكَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ بَعْدَ التَّعْلِيمِ فَدَلَّ عَلَى إجْزَائِهَا وَإِلَّا لَزِمَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ، كَذَا قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ بِالْإِعَادَةِ فَسَأَلَهُ التَّعْلِيمَ فَعَلَّمَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ أَعِدْ صَلَاتَكَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ. وَقَدْ احْتَجَّ لِتَوَجُّهِ النَّفْيِ إلَى الْكَمَالِ بِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بِلَفْظِ: «فَإِنْ انْتَقَصْتَ مِنْهُ شَيْئًا انْتَقَصْتَ مِنْ صَلَاتِكَ» وَكَانَ أَهْوَنَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَنْ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا انْتَقَصَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ تَذْهَبْ كُلُّهَا قَالُوا: وَالنَّقْصُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَسَادَ وَإِلَّا لَزِمَ فِي تَرْكِ الْمَنْدُوبَاتِ لِأَنَّهَا تُنْتَقَصُ بِهَا الصَّلَاةُ. وَقَدْ قَدَّمْنَا الْجَوَابَ عَنْ هَذَا الِاحْتِجَاجِ فِي شَرْحِ أَوَّلِ حَدِيثٍ مِنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ

قَوْلُهُ: (ثَلَاثًا) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ، أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا " وَفِي أُخْرَى لَهُ " فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ " وَرِوَايَةُ الْكِتَابِ أَرْجَحُ لِعَدَمِ الشَّكِّ فِيهَا وَلِكَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مِنْ عَادَتِهِ اسْتِعْمَالُ الثَّلَاثِ فِي تَعْلِيمِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ» وَهِيَ فِي مُسْلِمٍ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَيْضًا وَالتِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد «فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ ثُمَّ تَشَهَّدْ وَأَقِمْ» وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " ثُمَّ تَشَهَّدْ " الْأَمْرُ بِالشَّهَادَتَيْنِ عَقِيبَ الْوُضُوءِ لَا التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ كَذَا قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ السِّيَاقِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مُرَتَّبًا عَلَى الْوُضُوءِ، وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْإِقَامَةَ وَالتَّكْبِيرَ وَالْقِرَاءَةَ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَأَقِمْ الْأَمْرُ بِالْإِقَامَةِ

وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُد «ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>