للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ فِي أَنَّ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ فَرْضٌ

٧٧٦ - (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَقُولُوا هَكَذَا وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» وَذَكَرَهُ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابٌ فِي أَنَّ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ فَرْضٌ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيّ وَصَحَّحَهُ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي شَرْحِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ ضَوْءِ النَّهَارِ أَنَّ الْفَرْضَ هُنَا بِمَعْنَى التَّعْيِينِ وَهُوَ شَيْءٌ لَا وُجُودَ لَهُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ

وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: أَنَّ مَعْنَى فَرَضَ اللَّهُ أَوْجَبَ، وَكَذَا فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ. وَلِلْفَرْضِ مَعَانٍ أُخَرَ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ لَا تُنَاسِبُ الْمَقَامَ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا اعْتَذَرَ بِهِ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا اجْتِهَادٌ مِنْهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَهُ هَذَا خَارِجٌ مَخْرَجَ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ بِصَدَدِهَا لَا بِصَدَدِ الرَّأْيِ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ فُرِضَ عَلَيْنَا وَجَبَ عَلَيْنَا إخْبَارٌ عَنْ حُكْمِ الشَّارِعِ وَتَبْلِيغٌ إلَى الْأُمَّةِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، وَتَجْوِيزُهُ مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ فَرْضٌ بَعِيدٌ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ فِي الِاعْتِذَارِ عَنْ الْوُجُوبِ عَلَى عَدَمِ الذِّكْرِ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ، وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِتَأَخُّرِ هَذَا عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ

قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا يَعْنِي قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فُرِضَ عَلَيْهِمْ اهـ.

٧٧٧ - (وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ إلَّا بِتَشَهُّدٍ رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ) .

الْأَثَرُ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ حُجَّةً إلَّا عَلَى الْقَائِلِينَ بِحُجِّيَّةِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ لَا عَلَى غَيْرِهِمْ لِظُهُورِ أَنَّهُ قَالَهُ رَأْيًا لَا رِوَايَةً، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّاهِي قَرِيبًا فَيَعُودُ إلَى إتْمَامِ صَلَاتِهِ وَيَتَشَهَّدُ، وَإِلَى وُجُوبِ إعَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ الْإِخْلَالَ بِالْوَاجِبَاتِ لَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْمُسْتَلْزِمَ لِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ الْإِخْلَالُ بِالشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>