للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاب مَا جَاءَ فِي طُول الْقِيَامِ وَكَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

٩٦٦ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ)

٩٦٧ - (وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ فَإِنَّك لَنْ تَسْجُدَ لِلَّهِ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ بِهَا عَنْكَ خَطِيئَةً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد)

ــ

[نيل الأوطار]

كَانَ إذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا " لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ تَكْرَارَ الدُّعَاءِ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ، فَالدُّعَاءُ الَّذِي تُسَنَّ الصَّلَاة لَهُ تُكَرَّرُ الصَّلَاةُ لَهُ كَالِاسْتِسْقَاءِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ مَا يَنْشَرِحُ لَهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى انْشِرَاحٍ كَانَ لَهُ فِيهِ هَوًى قَبْلَ الِاسْتِخَارَةِ، بَلْ يَنْبَغِي لِلْمُسْتَخِيرِ تَرْكُ اخْتِيَارِهِ رَأْسًا وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ مُسْتَخِيرًا لِلَّهِ بَلْ يَكُونُ مُسْتَخِيرًا لِهَوَاهُ وَقَدْ يَكُونُ غَيْر صَادِقٍ فِي طَلَبِ الْخِيَرَةِ وَفِي التَّبَرِّي مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَإِثْبَاتِهِمَا لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا صَدَقَ فِي ذَلِكَ تَبَرَّأَ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَمِنْ اخْتِيَارِهِ لِنَفْسِهِ.

[بَابُ مَا جَاءَ فِي طُول الْقِيَامِ وَكَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

قَوْلُهُ: (مِنْ رَبِّهِ) أَيْ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ وَفَضْلِهِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ سَاجِدٌ) الْوَاو لِلْحَالِ: أَيْ أَقْرَبُ حَالَاتِهِ مِنْ الرَّحْمَةِ حَالَ كَوْنِهِ سَاجِدًا، وَإِنَّمَا كَانَ فِي السُّجُودِ أَقْرَبَ مِنْ سَائِرِ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّ الْعَبْدَ بِقَدْرِ مَا يَبْعُدُ عَنْ نَفْسِهِ يَقْرُبُ مِنْ رَبِّهِ، وَالسُّجُودُ غَايَةُ التَّوَاضُعِ وَتَرْكُ التَّكَبُّرِ وَكَسْرُ النَّفْسِ لِأَنَّهَا لَا تَأْمُرُ الرَّجُلَ بِالْمَذَلَّةِ وَلَا تَرْضَى بِهَا وَلَا بِالتَّوَاضُعِ بَلْ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَإِذَا سَجَدَ فَقَدْ خَالَفَ نَفْسَهُ وَبَعُدَ عَنْهَا فَإِذَا بَعُدَ عَنْهَا قَرُبَ مِنْ رَبِّهِ قَوْلُهُ: (فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ) أَيْ فِي السُّجُودِ لِأَنَّهُ حَالَةُ قُرْبٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحَالَةُ الْقُرْبِ مَقْبُولٌ دُعَاؤُهَا، لِأَنَّ السَّيِّدَ يُحِبُّ عَبْدَهُ الَّذِي يُطِيعُهُ وَيَتَوَاضَعُ لَهُ وَيَقْبَلُ مِنْهُ مَا يَقُولُهُ وَمَا يَسْأَلُهُ.

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِكْثَارِ مِنْ السُّجُودِ وَمِنْ الدُّعَاءِ فِيهِ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ: السُّجُودُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِيَامِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ.

٩٦٧ - (وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ فَإِنَّك لَنْ تَسْجُدَ لِلَّهِ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ بِهَا عَنْكَ خَطِيئَةً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد) الْحَدِيثُ لَفْظُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، قَالَ يَعْنِي مَعْدَانُ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيَّ " لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ، أَوْ قَالَ: بِأَحَبِّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ، فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: سَأَلْت عَنْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>