للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ قِرَاءَة السَّجْدَة فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ

١٠٠٣ - (وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ الصَّائِغِ قَالَ: «صَلَيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: ١] فَسَجَدَ فِيهَا، فَقُلْت: مَا هَذِهِ؟ فَقَالَ سَجَدْت بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَمَا أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

ــ

[نيل الأوطار]

نَحْوِهِ. وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِهِ، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَزِيعٍ وَقَدْ تُوبِعَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ. وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ سَكَتَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَنَّهُمْ سَجَدُوا فِي ص قَوْله: (لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ) بِالْعَزَائِمِ: مَا وَرَدَتْ الْعَزِيمَةُ فِي فِعْلِهِ كَصِيغَةِ الْأَمْرِ مَثَلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمَنْدُوبَاتِ آكَدُ مِنْ بَعْضٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْوُجُوبِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُنْذِر وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَنَّ الْعَزَائِمَ حم وَالنَّجْمِ وَاقْرَأْ وَالَمْ تَنْزِيلُ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ قَالَ: وَكَذَا ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ. وَقِيلَ: الْأَعْرَافُ وَسُبْحَانَ وَحُمَّ وَالَمْ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَوْلُهُ: (وَلَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْجُد فِيهَا) فِي الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ ص مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَا لِابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ: مِنْ أَيْنَ أَخَذْتَ السُّجُودَ فِي ص فَقَالَ: مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: ٨٤] إلَى قَوْلِهِ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠] فَفِي هَذَا أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مَشْرُوعِيَّةَ السُّجُودِ فِيهَا مِنْ الْآيَةِ، وَاَلَّذِي فِي الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنغ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تَعَارُض بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اسْتَفَادَهُ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ السَّجْدَةُ فِي ص مِنْ الْعَزَائِمِ لِأَنَّهَا بِلَفْظِ الرُّكُوعِ، فَلَوْلَا التَّوْقِيفُ مَا ظَهَرَ أَنَّ فِيهَا سَجْدَةً قَوْلُهُ: (سَجَدَهَا دَاوُد تَوْبَةً وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا) اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ السُّجُود فِيهَا فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ الشُّكْرِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ فِيهَا.

وَكَذَلِكَ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ السُّجُودَ فِيهَا غَيْرَ مُؤَكَّدٍ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَوَاطِن السُّجُودِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ» ثُمَّ تَصْرِيحُهُ بِأَنَّ سَبَبَ سُجُودِهِ تَشَزُّنُهُمْ لِلسُّجُودِ قَوْلُهُ: (تَشَزَّنَ النَّاسُ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي وَالنُّون. قَالَ الْخَطَّابِيِّ فِي الْمَعَالِمِ: وَهُوَ مِنْ الشَّزَن: وَهُوَ الْقَلَقُ: يُقَالُ: بَاتَ عَلَى شَزَنٍ: إذَا بَاتَ قَلِقًا يَتَقَلَّبُ مِنْ جَنْبٍ إلَى جَنْبٍ، اسْتَشْزَنُوا: إذَا تَهَيَّئُوا لِلسُّجُودِ.

[بَابُ قِرَاءَة السَّجْدَة فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ]

قَوْله: (فَسَجَدَ فِيهَا) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَسَجَدَ بِهَا " وَالْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>