للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ) .

١١٢٧ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَصَلَّيْتُ خَلْفَهُ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَجَرَّنِي حَتَّى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاة الرَّجُل فَذًّا وَمَنْ رَكَعَ أَوْ أَحْرَمَ دُون الصَّفّ ثُمَّ دَخَلَهُ]

حَدِيث عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانُ رَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيث حَسَن. قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: رُوَاته ثِقَات مَعْرُوفُونَ. وَهُوَ مِنْ رِوَايَة عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانُ عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ فِيهِ ابْنُ حَزْمٍ: وَمَا نَعْلَم أَحَدًا عَابَهُ بِأَكْثَر مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَدْرٍ وَهَذَا لَيْسَ جُرْحَة انْتَهَى. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا ابْنه مُحَمَّدٌ وَوَعْلَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَثَّابٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَرَوَى لَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَيَشْهَد لِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ عَنْ طَلْقٍ مَرْفُوعًا: «لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» وَحَدِيث وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّهُ مُضْطَرِب الْإِسْنَاد وَلَا يُثْبِتهُ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْحَدِيث وَقَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: لَيْسَ الِاضْطِرَاب الَّذِي وَقَعَ فِيهِ مِمَّا يَضُرّهُ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْح التِّرْمِذِيِّ لَهُ وَأَطَالَ وَأَطَابَ.

وَحَدِيث أَبِي بَكْرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ. وَحَدِيث ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ إحْدَى الرِّوَايَات الَّتِي وَرَدَتْ فِي صِفَة دُخُوله مَعَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاة اللَّيْل فِي اللَّيْلَة الَّتِي بَاتَ فِيهَا عِنْد خَالَته مَيْمُونَةَ، وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرهمَا: أَنَّهُ قَامَ عَنْ يَسَاره فَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينه. وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَف فِي صَلَاة الْمَأْمُوم خَلْف الصَّفّ وَحْده، فَقَالَتْ طَائِفَة: لَا يَجُوز وَلَا يَصِحّ

وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ النَّخَعِيّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَحَمَّادٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَوَكِيعٌ، وَأَجَازَ ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَاب الرَّأْي. وَفَرَّقَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ فَرَأَوْا عَلَى الرَّجُل الْإِعَادَة دُون الْمَرْأَة، وَتَمَسَّكَ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الصِّحَّة بِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانُ وَوَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْمَذْكُورَيْنِ

وَتَمَسَّكَ الْقَائِلُونَ بِالصِّحَّةِ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَالُوا: لِأَنَّهُ أَتَى بِبَعْضِ الصَّلَاة خَلْف الصَّفّ وَلَمْ يَأْمُرهُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِعَادَةِ، فَيُحْمَل الْأَمْر بِالْإِعَادَةِ عَلَى جِهَة النَّدْب مُبَالَغَة فِي الْمُحَافَظَة عَلَى الْأَوْلَى

وَمِنْ جُمْلَة مَا تَمَسَّكُوا بِهِ حَدِيث ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ، إذْ جَاءَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فَوَقَفَ عَنْ يَسَار رَسُول اللَّه مُؤْتَمًّا بِهِ وَحْده، فَأَدَارَ كُلَّ وَاحِد مِنْهُمَا حَتَّى جَعَلَهُ عَنْ يَمِينه، قَالُوا: فَقَدْ صَارَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا خَلْف رَسُول اللَّه فِي تِلْكَ الْإِدَارَة وَهُوَ تَمَسّك غَيْر مُفِيد لِلْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ الْمُدَارَ مِنْ الْيَسَار إلَى الْيَمِين لَا يُسَمَّى مُصَلِّيًا خَلْف الصَّفّ وَإِنَّمَا هُوَ مُصَلٍّ عَنْ الْيَمِين.

<<  <  ج: ص:  >  >>