للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث، فهذا العصر هو عصر أصول السنة وأمهات الدين، فهو عصر: مسند الإمام أحمد، والكتب الستة، ومنها الصحيحان!!

وما أدراك ما الصحيحان؟!!

قمة القمم، وإمام التأليف البشري: في شرف الغاية، وعمق الفكرة، وبعد النظرة، وعبقرية الخطة، وتفوق المنهج، وتكامل القدرات، وبذل الجهد، واسترخاص الدنيا، وروعة الأسلوب، وإتقان التنفيذ ... وغير ذلك /ن: خصائص التميز، ومواهب الإبداع، وتسديد التوفيق، ونفحات الرضى، وقواعد الخلود.

بل هذا عصر أصول السنة، من مسانيد، وجوامع، وسنن، وعلل وتواريخ، وأجزاء، وغير ذلك: من وجوه التصنيف الأصلية في السنة، ومن المصنفات التي لا يحويها حصر، ولا يبلغها عد! فهي تكاد تكون بعدد الألوف المؤلفة، من طلبة الحديث، وحفاظه، والرحالين فيه، ممن حواهم هذا القرن! بل تفوق عددهم!! لأنه لا يخلو أن يكون لجمع منهم أكثر من مؤلف، بل ربما عشرات المؤلفات.

بل ما انضى هذا القرن، إلا والسنة جميعها مدونة. ولم يبق من الروايات الشفهية غير المدونة في المصنفات ـ بعد هذا العصر ت شيء يذكر، إلا روايات الأفاكين وأحاديث المختلقين، أو أخبار المواهمين المخلطين.

ولذلك اعتبر الإمام الذهبي (ت ٧٤٨هـ) رأس سنة ثلاثمائة الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين (١) ، ورأى بذلك أنه من


(١) هذا التحديد الفاصل للمتقدمين والمتأخرين هو اصطلاح ل (ميزان الاعتدال) خاصة، من مصنفات الذهبي، وله مسوغاته التي ذكرها الذهبي. فليس اصطلاحاً له في غيره من المصنفات، فضلاً عن غيره من الأئمة. وإلا فالتقدم والتأخر أمر نسبي، يختلف باختلاف الأزمان.

<<  <   >  >>