للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣٧٦٠- وَلأَبِي دَاوُد فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَالْعَرَقُ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلاثِينَ صَاعًا. وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ.

٣٧٦١- وَلَهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَوْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. وَهَذَا مُرْسَلٌ. قَالَ أَبُو دَاوُد: عَطَاءٌ لَمْ يُدْرِكْ أَوْسًا.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي) الظِّهَارُ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الظِّهَارَ مُخْتَصُّ بِالأُمِّ كَمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ. فَلَوْ قَالَ: كَظَهْرِ أُخْتِي، مَثَلًا لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ظِهَارٌ وَحَكَي فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرِ وَالإِمَامِ يَحْيَى وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ يُقَاسُ الْمَحَارِمُ عَلَى الأُمِّ وَلَوْ مِنْ رَضَاعٍ، إذْ الْعِلَّةُ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ.

قَوْلُهُ: «سِتِّينَ مِسْكِينًا» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجْزِئ مَنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصِّيَامِ لِعِلَّةِ أَنْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْهَادَوِيَّةُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ، فَقَالُوا: الْوَاجِبُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا: إنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ، وَتَمَسَّكُوا بِالرِّوَايَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْعَرَقِ وَتَقْدِيرُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا. وَظَاهِرُ

الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لا تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعَانَهُ بِمَا يُكَفِّرُ بِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى السُّقُوطِ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى التَّفْصِيلِ فَقَالُوا: تَسْقُطُ كَفَّارَةُ صَوْمِ رَمَضَانَ لا غَيْرُهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ.

قَوْلُهُ: (وَالْعَرَقُ سِتُّونَ صَاعًا) هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَفَرَّدَ بِهَا مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: لا يُعْرَفُ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَفِيهَا أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ عَنْعَنَ، وَالْمَشْهُورُ عُرْفًا أَنَّ الْعَرَقَ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشْرَ صَاعًا كَمَا رَوَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ نَفْسِهِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>