للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ: إنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ مَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلا تَرْجِعْ إلَى أَرْضِك فَإِنَّهَا أَرْضُ سُوءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا فَقَبِلَهُ اللَّهُ، وَقَالَتْ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ: إنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ

الأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ، فَقَاسُوا فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إلَى الأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

٣٩٧١- وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي صَاحِبٍ لَنَا أَوْجَبَ - يَعْنِي النَّارَ - بِالْقَتْلِ، فَقَالَ: «أَعْتِقُوا عَنْهُ يُعْتِقْ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

قَوْلُهُ: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْم الْقيَامَة فِي الدِّمَاءَ» قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ ذَنْبِ الْقَتْلِ، لأَنَّ الِابْتِدَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِالأَهَمِّ.

قَوْلُهُ: «فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» قَالَ فِي الْفَتْحِ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَى كَوْنِهِمَا فِي النَّارِ أَنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ أَمْرَهُمَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى إنْ شَاءَ عَاقَبَهُمَا ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا مِنْ النَّارِ كَسَائِرِ الْمُوَحِّدِينَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُمَا أَصْلاً وَلا حُجَّةَ فِيهِ لِلْخَوَارِجِ. وَمَنْ قَالَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِي مُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَرَ الْقِتَالَ فِي الْفِتْنَةِ وَهُمْ كُلُّ مَنْ تَرَكَ الْقِتَالَ مَعَ عَلِيٍّ فِي حُرُوبِهِ وَذَهَبَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إلَى وُجُوبِ نُصْرَةِ الْحَقِّ وَقِتَالِ الْبَاغِينَ وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ مَنْعِ الطَّعْنِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ عُرِفَ الْمُحِقُّ مِنْهُمْ لأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا إلا عَنْ اجْتِهَادٍ، وَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْ الْمُخْطِئ فِي الِاجْتِهَادِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

قَالَ الشَّارِحُ: وَحَدِيثُ جُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ يَدُلانِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْمُخَلَّدِينَ فِي النَّارِ، فَيَكُونُ عُمُومُ إخْرَاجِ الْمُوَحِّدِينَ مُخَصَّصًا بِمِثْلِ هَذَا وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ وَظَاهِرُ حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ يُخَالِفُهُمَا فَإِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>