للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ ثَمَنِ الْمِجَنِّ» . قِيلَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مَا ثَمَنُ الْمِجَنِّ؟ قَالَتْ: رُبُعُ دِينَارٍ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ.

٤٠٧٥- وَعَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» . قَالَ الأَعْمَشُ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ بَيْضُ الْحَدِيدِ، وَالْحَبْلُ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ مِنْهَا مَا يُسَاوِي دَرَاهِمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِيهِ زِيَادَةُ قَوْلِ الأَعْمَشِ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ ذَهَبَ إلَى مَا تَقْتَضِيهِ أَحَادِيثُ الْبَابِ مِنْ ثُبُوتِ الْقَطْعِ فِي ثَلاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ الْجُمْهُورُ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَمِنْهُمْ الْخُلَفَاءُ الأَرْبَعَةُ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُقَوَّمُ بِهِ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. فَذَهَبَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ إلَى أَنَّهُ يَكُونُ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ لا بِرُبُعِ الدِّينَارِ إذَا كَانَ الصَّرْفُ مُخْتَلِفًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الأَصْلُ فِي تَقْوِيمِ الأَشْيَاءِ هُوَ الذَّهَبُ لأَنَّهُ الأَصْلُ فِي جَوَاهِرِ الأَرْضِ كُلِّهَا. وَذَكَرَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي تَقْوِيمِ الْعُرُوضِ بِمَا كَانَ غَالِبًا فِي نُقُودِ أَهْلِ الْبَلَدِ. إلى أن قَالَ: الْمَذْهَبُ الْعَاشِرُ: أَنَّهُ يَثْبُتُ الْقَطْعُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَدَاوُد وَالْخَوَارِجِ، وَاسْتَدَلُّوا بِإِطْلاقِ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} . وَيُجَابُ بِأَنَّ إطْلاقَ الآيَةِ مُقَيَّدٌ بِالأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّ فِيهِ: «يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ تَحْقِيرُ شَأْنِ السَّارِقِ وَخَسَارِ مَا رَبِحَهُ، وَأَنَّهُ إذَا جَعَلَ السَّرَقَة عَادَةً لَهُ جَرَّأَهُ ذَلِكَ عَلَى سَرِقَةِ مَا فَوْقَ الْبَيْضَةِ وَالْحَبْلِ حَتَّى يَبْلُغَ إلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي تُقْطَعُ بِهِ الأَيْدِي، هَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيِّ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَفِيهِ تَعَسُّفٌ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّنْفِيرِ عَنْ السَّرِقَةِ وَجَعْلُ مَا لا قَطْعَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَا فِيهِ الْقَطْعُ كَمَا فِي حَدِيثِ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ» مَعَ أَنَّ مَفْحَصَ الْقَطَاةِ لا يَكُونُ مَسْجِدًا، وَلَكِنَّ

مَقَامَ التَّرْغِيبِ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالصَّدَقَةِ اقْتَضَى ذَلِكَ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْضَةِ بَيْضَةُ الْحَدِيدِ كَمَا وَقَعَ فِي الْبَابِ عَنْ الأَعْمَشِ، وَلا شَكَّ أَنَّ لَهَا قِيمَةً. وَكَذَلِكَ الْحَبْلُ فَإِنَّ فِي الْحِبَالِ مَا تَزِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>