للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٨٢٦- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ لأنَّهَا أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْ يَدِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «وَالتَّمَائِمُ» جَمْعُ تَمِيمَةٍ: وَهِيَ خَرَزَاتٌ كَانَتْ الْعَرَبُ تُعَلِّقُهَا عَلَى أَوْلادِهِمْ يَمْنَعُونَ بِهَا الْعَيْنَ فِي زَعْمِهِمْ فَأَبْطَلَهُ الإِسْلامُ.

قَوْلُهُ: «مَا أُبَالِي مَا رَكَبْتَ أَوْ مَا أَتَيْتَ إِذَا أَنَا شَرِبْتُ ترياقًا» إلى آخره أَيْ لا أَكْثَرْتَ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرٍ دِينِيٍّ وَلا أَهْتَمُّ بِمَا فَعَلَتْهُ إنْ أَنَا فَعَلْتُ هَذِهِ الثَّلاثَةَ أَوْ شَيْئًا مِنْهَا، وَهَذِهِ مُبَالَغَةٌ عَظِيمَةٌ وَتَهْدِيدٌ شَدِيدٌ فِي فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلاثَةِ: أَيْ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا فَهُوَ غَيْرُ مُكْتَرِثٍ بِمَا يَفْعَلُهُ وَلا يُبَالِي بِهِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ حَلالٌ، وَهَذَا وَإِنْ أَضَافَه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلَى نَفْسِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ إعْلامُ غَيْرِهِ بِالْحُكْمِ.

قَوْلُهُ: «تِرْيَاقًا» وَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ مُخْتَلِطًا بِلُحُومِ الأفَاعِي يُطْرَحُ مِنْهَا رَأْسُهَا وَأَذْنَابُهَا وَيُسْتَعْمَلُ أَوْسَاطُهَا فِي التِّرْيَاقِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ لأنَّهُ نَجَسٌ، وَإِنْ اتُّخِذَ التِّرْيَاقُ مِنْ أَشْيَاءَ طَاهِرَةٍ فَهُوَ طَاهِرٌ لا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ. وَرَخَّصَ مَالِكٌ

فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ لُحُومِ الأفَاعِي لأنَّهُ يَرَى إبَاحَةَ لُحُومِ الْحَيَّاتِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ التِّرْيَاقُ نَبَاتًا أَوْ حَجَرًا فَلا مَانِعَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: «أَلا تُعَلِّمِينَ هَذِهِ رَقِيَّةُ النَّمْلَةُ» بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ: وَهِيَ قُرُوحٌ تَخْرُجُ مِنْ الْجَنْبِ أَوْ الْجَنْبَيْنِ، وَرُقْيَةُ النَّمِلَةِ كَلامٌ كَانَتْ نِسَاءُ الْعَرَبِ تَسْتَعْمِلُهُ يَعْلَمُ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ أَنَّهُ كَلامٌ لا يَضُرُّ وَلا يَنْفَعُ. وَرُقْيَةُ النَّمِلَةِ الَّتِي كَانَتْ تُعْرَفُ بَيْنَهُنَّ أَنْ يُقَالَ: الْعَرُوسِ تَحْتَفِلُ، وَتَخْتَضِبُ وَتَكْتَحِلُ، وَكُلُّ شَيْءٍ تفْتَعَلُ غَيْرُ أَنْ لا تَعْصِيَ الرَّجُلَ، فَأَرَادَ - صلى الله عليه وسلم - بِهَذَا الْمَقَالِ تَأْنِيبَ حَفْصَةَ وَالتَّأْدِيبُ لَهَا تَعْرِيضًا لأنَّهُ أَلْقَى إلَيْهَا سِرًّا فَأَفْشَتْهُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ التَّنْزِيلُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ} الآيَةَ.

قَوْلُهُ: «كَمَا عَلَّمْتِهَا الْكِتَابَةَ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيمِ النِّسَاءِ الْكِتَابَةَ. وَأَمَّا حَدِيثُ «وَلا تُعَلِّمُوهُنَّ الْكِتَابَةَ» فَمَحْمُول عَلَى مَنْ يَخْشَى مَنْ تَعْلِيمهَا الْفَسَادَ.

قَوْلُهُ: «لا بَأْسَ بالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْك» . فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الرُّقَى وَالتَّطَبُّبِ بِمَا لا ضَرَرَ فِيهِ وَلا مَنْعَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَسْمَاءِ اللهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>