للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ» هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ الْقُرْآنَ جَمِيعًا فِي عَصْرِهِ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ. وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَقَدَ هَذَا الْبَابَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا لَا تُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا قِرَاءَةُ السَّبْعَةِ الْقُرَّاءِ الْمَشْهُورِينَ. انْتَهَى.

قَالَ فِي الاخْتِيَارَات: وَمَا خَالَفَ الْمُصْحَف وَصَحَّ سَنَدَهُ صَحَّتِ الصَّلاةُ بِهِ، وَهَذَا أَنَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدٍ، وَمُصْحَفُ عُثْمَانٍ أَحَد الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ. وَقَالَهُ عَامَّةُ السَّلَفِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأُبِيٍّ: «إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} » قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْحُذَّاقِ فِيهِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ بِهِ وَالْفَضْلِ، وَإِنْ كَانَ الْقَارِئُ أَفْضَلَ مِنْ الْمَقْرُوءِ عَلَيْهِ وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ شَرِيفَةٌ لِأُبِيٍّ بِقِرَاءَتِهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ وَلَمْ يُشَارِكْهُ فِيهَا أَحَدٌ لَاسِيَّمَا مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِاسْمِهِ وَنَصْهِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ.

قَوْلُهُ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} وَجْهُ تَخْصِيصِ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّهَا وَجِيزَةٌ جَامِعَةٌ لِقَوَاعِدَ كَثِيرَةٍ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ وَمُهِمَّاتِهِ وَالْإِخْلَاصِ وَتَطْهِيرِ الْقُلُوبِ وَكَانَ الْوَقْتُ يَقْتَضِي الِاخْتِصَارَ.

قَوْلُهُ: (وَسَمَّانِي لَكَ) فِيهِ جَوَازُ الِاسْتِثْبَاتِ فِي الِاحْتِمَالَاتِ وَسَبَبُهُ هَا هُنَا أَنَّهُ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَبَكَى) فِيهِ جَوَازُ الْبُكَاءِ لِلسُّرُورِ وَالْفَرَحِ بِمَا يُبَشَّرُ الْإِنْسَانُ وَيُعْطَاهُ مِنْ مَعَالِي الْأُمُورِ. وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ الْحِكْمَةِ فِي قِرَاءَتِهِ عَلَى أُبَيٍّ فَقِيلَ: سَبَبُهَا أَنْ يَسُنَّ لِأُمَّتِهِ بِذَلِكَ الْقِرَاءَةُ عَلَى أَهْلِ الْإِتْقَانِ وَالْفَضْلِ وَيَتَعَلَّمُوا آدَابَ الْقِرَاءَةِ وَلَا يَأْنَفُ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ التَّنْبِيهُ عَلَى جَلَالَةِ أُبَيٍّ وَأَهْلِيَّتِهِ لِأَخْذِ الْقُرْآنِ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ كَانَ يَعُدُّهُ - صلى الله عليه وسلم - رَأْسًا وَإِمَامًا فِي إقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَهُوَ أَجَلُّ نَاشِرِيهِ أَوْ مِنْ أَجَلِّهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>