للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٣٠- وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِي قَالَ: خَرَجْت مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ إلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْت مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَاَلَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ، يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

١٢٣١- وَلِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي زَمَنِ عُمَرَ يَقُومُونَ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً) .

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ قِيَامِ رَمَضَانَ وَتَأَكُّدِ اسْتِحْبَابِهِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ. قَالَ

النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا، قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ صَلَاتُهَا فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَمْ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْبِدْعَةُ أَصْلُهَا مَا أُحْدِثَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وَتُطْلَقُ فِي الشَّرْعِ عَلَى مُقَابَلَةِ السُّنَّةِ فَتَكُونُ مَذْمُومَةً، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مِمَّا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مُسْتَحْسَنٍ فِي الشَّرْعِ فَهِيَ حَسَنَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مُسْتَقْبَحٍ فِي الشَّرْعِ فَهِيَ مُسْتَقْبَحَةٌ، وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ قِسْمِ الْمُبَاحِ، وَقَدْ تَنْقَسِمُ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ.

قَوْلُهُ: (بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً) . قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهَا إحْدَى عَشْرَةَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ مُمْكِنُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ، وَيُحْتَمَل أَنَّ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ بِحَسَبِ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَتَخْفِيفِهَا، فَحَيْثُ تَطُولُ الْقِرَاءَةُ تُقَلَّلُ الرَّكَعَاتُ وَبِالْعَكْسِ، وَبِهِ جَزَمَ الدَّاوُدِيُّ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: أَكْثَرُ مَا قِيلَ: إنَّهُ يُصَلِّي إحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً بِرَكْعَةِ الْوِتْرِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ الْبَابِ وَمَا يُشَابِهُهَا هُوَ مَشْرُوعِيَّةُ الْقِيَامِ فِي رَمَضَانَ، وَالصَّلَاةُ فِيهِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى، فَقَصْرُ الصَّلَاةِ الْمُسَمَّاةِ بِالتَّرَاوِيحِ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَتَخْصِيصُهَا بِقِرَاءَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>