للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٢٨- وَفِي رِوَايَةٍ - مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا - لَمَّا قَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ قَالَ: بَلَى قَدْ نَسِيتُ.

وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ تَكَلَّمَ بَعْدمَا عَلِمَ عَدَمَ النَّسْخ كَلَامًا لَيْسَ بِجَوَابِ سُؤَالٍ.

١٣٢٩- وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الْعَصْرَ فَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ. وَفِي لَفْظٍ: فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ، فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ يُقَال لَهُ: الْخِرْبَاقُ، وَكَانَ فِي يَدِهِ طُولٌ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَر لَهُ صَنِيعَهُ، فَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إلَى النَّاسِ فَقَالَ: «أَصَدَقَ هَذَا» ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ.

١٣٣٠- وَعَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، فَنَهَضَ لِيَسْتَلِمَ الْحَجَرَ فَسَبَّحَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالَ: فَصَلَّى مَا بَقِيَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، قَالَ: فَذُكِرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: مَا أَمَاطَ عَنْ سُنَّةِ ... نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (فَصَلَّى مَا تَرَكَ) فِيهِ جَوَازُ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا الْمُصَلِّي قَبْلَ تَمَامهَا نَاسِيًا، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. قَالَ: وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَلامَ السَّاهِيَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَكَذَا كَلَامُ مَنْ ظَنَّ التَّمَامَ. وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ إذَا وَقَعَتْ سَهْوًا أَوْ مَعَ ظَنِّ التَّمَامِ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ) . فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ إنَّ سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ كُلُّهُ مَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ.

الثَّانِي: أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ كُلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ.

الثَّالِثُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، فَيَسْجُدُ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ وَلِلنَّقْصِ قَبْلَهُ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ كُلُّ حَدِيثٍ كَمَا وَرَدَ وَمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ. إِلِى أَنْ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لِلزِّيَادَةِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>