للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٨٩- وَعَنْ أَبِي سَلَامٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَغَرْنَا عَلَى حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ» . فَطَلَب رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ فَضَرَبَهُ فَأَخْطَأَهُ وَأَصَابَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَخُوكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ» . فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَوَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ، فَلَفَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِثِيَابِهِ وَدِمَائِهِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشَهِيدٌ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَأَنَا لَهُ شَهِيدٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ) إلَى آخِرِهِ. فِيهِ جَوَازُ جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَقْدِيمِ مَنْ كَانَ أَكْثَرُ قُرْآنًا، وَمِثْلُهُ سَائِرُ أَنْوَاعِ الْفَضَائِلِ قِيَاسًا.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُغَسَّلُوا) . فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ لَا يُغَسَّلُ، وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا سَائِرُ مَنْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّهِيدِ كَالطَّعِينِ وَالْمَبْطُونِ وَالنُّفَسَاءِ وَنَحْوِهِمْ فَيُغَسَّلُونَ إجْمَاعًا. وَقَال: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ حنظلة مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ إذَا كَانَ جُنُبًا، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ: لَا يُغَسَّلُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ: (فَلَفَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِثِيَابِهِ وَدِمَائِهِ) قَالَ الشَّارِحُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُغَسِّلْهُ وَلَا أَمَرَ بِغُسْلِهِ، فَيَكُونَ مِنْ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الشَّهِيدَ لَا يُغَسَّلُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ فِي الْمَعْرَكَةِ خَطَأً حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ.

قَوْلُهُ: (وَصَلَّى عَلَيْهِ) فِيهِ إثْبَاتُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.

بَابُ صِفَةِ الْغُسْلِ

١٧٩٠- عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ، فَقَالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حَقْوَهُ، فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إيَّاهُ» . يَعْنِي إزَارَهُ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>