للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَتْحِ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ. فَقِيلَ: إنَّ حَدِيثَ أُسَامَةَ مَنْسُوخٌ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: «لا رِبَا» الرِّبَا الأَغْلَظُ.

قَوْلُهُ: «إلا وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ» الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الأَلْفَاظِ لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْ لِلْمُبَالَغَةِ.

قَوْلُهُ: «إلا مَا اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ» الْمُرَادُ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي اللَّوْنِ اخْتِلافًا يَصِيرُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جِنْسًا غَيْرَ جِنْسِ مُقَابِلِهِ، فَمَعْنَاهُ مَعْنَى قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» . إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلا بُدَّ فِي بَيْعِ بَعْضِ الرِّبَوِيَّاتِ ببَعْضِ مِنْ التَّقَابُضِ وَلاسِيَّمَا فِي الصَّرْفِ وَهُوَ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالذَّهَبِ وَعَكْسُهُ فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى اشْتِرَاطِهِ. وَقَالَ الْمَغْرِبِيُّ فِي شَرْحِ بُلُوغِ الْمَرَامِ: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِرِبَوِيٍّ لا يُشَارِكُهُ فِي الْعِلَّةِ مُتَفَاضِلاً أَوْ مُؤَجَّلاً كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْحِنْطَةِ وَبَيْعِ الْفِضَّةِ بِالشَّعِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَكِيلِ قَالَ الشَّارِحُ: وَأَمَّا إذَا كَانَ الرِّبَوِيُّ يُشَارِكُ مُقَابِلَهُ فِي الْعِلَّةِ، فَإِنْ كَانَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ أَوْ الْعَكْسُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الأَجْنَاسِ كَبَيْعِ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ أَوْ بِالتَّمْرِ أَوْ الْعَكْسِ. فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ عَدَمُ الْجَوَازِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِقَوْلِهِ: «إلا يَدًا بِيَدٍ» عَلَى

أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الصَّرْفِ عِنْدَ الإِيجَابِ بِالْكَلامِ وَلا يَجُوزُ التَّرَاخِي وَأن كَانَا فِي الْمَجْلِسِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ: إنَّ الْمُعْتَبَرَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ تَرَاخَى عَنْ الإِيجَابِ، قَوْلُهُ: (بِعْ الْجَمْعَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: هُوَ التَّمْرُ الْمُخْتَلِطُ بِغَيْرِهِ، قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ بَيْعُ رَدِيءِ الْجِنْسِ بِجَيِّدِهِ مُتَفَاضِلًا وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لا خِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ: مِثْلَ مَا قَالَ فِي الْمَكِيلِ مِنْ أَنَّهُ لا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ الْجِنْسِ مِنْهُ بِبَعْضِهِ مُتَفَاضِلًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ بَلْ يُبَاعُ رَدِيئُهُ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يُشْتَرَى بِهَذَا الْجَيِّدُ وَالْمُرَادُ بِالْمِيزَانِ هُنَا الْمَوْزُونُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:

وَهُوَ حُجَّةٌ فِي جَرَيَانِ الرِّبَا فِي الْمَوْزُونَاتِ كُلِّهَا؛ لأَنَّ قَوْلَهُ (فِي الْمِيزَانِ) أَيْ: فِي الْمَوْزُونِ وَإِلا فَنَفْسُ الْمِيزَانِ لَيْسَ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>