للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذَاتِهَا بِالنَّقْصِ مَثَلًا أَوْ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهَا فَهِيَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: «وَلَمْ يُفَرِّقْهُ» وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ أَوْلَى بِالْعَيْنِ بَعْدَ التَّغَيُّرِ وَالنَّقْصِ.

قَوْلُهُ: «فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» أَيْ: مِنْ غَيْرِهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَارِثًا أَوْ غَرِيمًا وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَيَلْتَحِقُ بِهِ الْقَرْضُ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ بِالأَوْلَى.

قَوْلُهُ: «وَلَمْ يَكُنْ اقْتَضَى مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ» فِيهِ دَلِيلٌ: لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ قَدْ قَضَى بَعْضَ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنِ الْبَائِعُ أَوْلَى بِمَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ مِنْ الْمَبِيعِ بَلْ يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ.

قَوْلُهُ: «وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي» إلى آخره، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا مَاتَ السِّلْعَةَ الَّتِي لَمْ يسلم الْمُشْتَرِيَ ثَمَنِهَا بَاقِيَةُ لا يَكُونُ الْبَائِعُ أَوْلَى بِهَا بَلْ يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ. إلَى ذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٍ وَأَحْمَدُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْبَائِعُ أَوْلَى بِهَا.

وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ» . قََالَ فِي الْفَتْحِ: فَتَعَيَّن الْمَصِيرُ إلَيْهَ لأَنَّهَا زِّيَادَةَ مَقْبُولَة مَنْ ثِقَةٌ، وَجَمَعَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِحَمْلِ مُرْسَلٌ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَا إذَا مَاتَ مليئًا، وَحَمَلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى مَا إذَا مَاتَ مُفْلَسًَا. انْتَهَى مُلَخَّصًا. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ.

بَابُ الْحَجْرِ عَلَى الْمَدِينِ وَبَيْعِ مَالِهِ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ

٢٩٩٥- عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ مَالَهُ وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

٢٩٩٦- وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ شَابًّا سَخِيًّا، وَكَانَ لا يُمْسِكُ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ يُدَانُ حَتَّى أُغْرِقَ مَالُهُ كُلُّهُ فِي الدَّيْنِ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَلَّمَهُ لِيُكَلِّمَ غُرَمَاءَهُ، فَلَوْ تَرَكُوا لأَحَدٍ لَتَرَكُوا لِمُعَاذٍ لأَجْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَاعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَهُمْ مَالَهُ حَتَّى قَامَ مُعَاذٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ. رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ هَكَذَا مُرْسَلًا.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِحَجْرِهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مُعَاذٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَى كُلِّ مَدْيُونٍ، وَعَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ بَيْعُ مَالِ الْمَدْيُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>