للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ قَالَ ابْنُ رِسْلانَ: وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهِ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ مَنْ زَرَعَ بَذْرَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَاسْتَرْجَعَهَا صَاحِبُهَا فَلا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَسْتَرْجِعَهَا مَالِكُهَا وَيَأْخُذَهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ أَوْ يَسْتَرْجِعَهَا وَالزَّرْعُ قَائِمٌ قَبْلَ أَنْ يُحْصَدَ، فَإِنْ أَخَذَهَا مُسْتَحِقُّهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ فَإِنَّ الزَّرْعَ لِغَاصِبِ الأَرْضِ لا يُعْلَمُ فِيهِ خِلافٌ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الأَرْضِ إلَى وَقْتِ التَّسْلِيمِ وَضَمَانُ نَقْصِ الأَرْضِ وَتَسْوِيَةُ حُفَرِهَا وَإِنْ أَخَذَ الأَرْضَ صَاحِبُهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَالزَّرْعُ فِيهَا قَائِمٌ لَمْ يَمْلِكْ إجْبَارَ الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ، وَخُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ نَفَقَتَهُ وَيَكُونَ الزَّرْعُ لَهُ، أَوْ يَتْرُكَ الزَّرْعَ لِلْغَاصِبِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ صَاحِبَ الأَرْضِ يَمْلِكُ إجْبَارَ الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَيَكُونُ الزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ عِنْدَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الأَرْضِ. وَحَدِيثَ «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَرَدَ فِي الْغَرْسِ الَّذِي لَهُ عِرْقٌ مُسْتَطِيلٌ فِي الأَرْضِ، وَحَدِيثُ رَافِعٍ وَرَدَ فِي الزَّرْعِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَيُعْمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِ، قَالَ الشَّارِحُ: وَلا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» مُطْلَقًا فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ: (وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ) إلَى آخره فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى مَنْ غَرْسَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ غُرُوسًا بِغَيْرِ إذْنِهِ بِقَطْعِهَا.

قَوْلُهُ: (عُمٌّ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ جَمْعُ (عَمِيمَةٍ) وَهِيَ: الطَّوِيلَةُ.

قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَإِذَا فَسَدَتِ الْمُزَارَعَة أَوْ الْمُسَاقَاة أَوْ الْمُضَارَبَة اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ نَصِيب الْمِثْلِ، وَهُوَ مَا جَرَتْ الْعَادَة فِي مِثْلِهِ لا أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَإِذَا كُنَّا نَقُولُ فِي الْغَاصِِبِ إِنْ زَرَعَهُ لِرَبِّ الأَرْضِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَة فَلأَنْ نَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ إِنَّ الزَّرْعََ لِرَبِّ الأَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرِ لِغَيْرِهِ أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>