للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دِلاءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ» ؟ فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ صُلْبِ مَالِي. رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَفِيهِ جَوَازُ انْتِفَاعِ الْوَاقِفِ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ.

قَوْلُهُ: «إنْ شِئْتَ حَبَسْت أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْت بِهَا» قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ بِمَنْفَعَتِهَا، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: حَبِّسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ الْعَامِلَ يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرَةِ الْوَاقِفِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الْعَامِلَ لا يَأْكُلُ لاسْتُقْبِحَ ذَلِكَ مِنْهُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَحَدِيثُ عُمَرَ هَذَا أَصْلٌ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْوَقْفِ. قَالَ الشارح: وَقَدْ ذَهَبَ إلَى جَوَازِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ حَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ بَلَغَ أَبَا حَنِيفَةَ لَقَالَ بِهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: رَادُّ الْوَقْفِ مُخَالِفٌ لِلإِجْمَاعِ فَلا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: «مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ» بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَغَوِيِّ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ بَشِيرٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهَا كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: رُومَةُ، وَكَانَ يَبِيعُ مِنْهَا الْقِرْبَةَ بِمُدٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «تَبِيعُنِيهَا بِعَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ» ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي وَلا لِعِيَالِي غَيْرُهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ، فَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ وَثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَتَجْعَلُ لِي مَا جَعَلْت لَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، قَدْ جَعَلْتهَا لِلْمُسْلِمِينَ» .

قَوْلُهُ: «فَيَجْعَلَ فِيهَا دَلْوُهُ مَعَ دِلاءِ الْمُسْلِمِينَ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ نَصِيبًا مِنْ الْوَقْفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>