للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الأَعْرَابِ فَأَخْبَرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا صَنَعَ، قَالَ: «أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ؟ لَوْ عَلِمْنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ مَا صَلَّيْنَا عَلَيْهِ» فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ مِنْهُمْ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ سَوَّى بَيْنَ مُتَقَدِّمِ الْعَطَايَا وَمُتَأَخِّرِهَا، لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَفْصِلْ هَلْ أَعْتَقَهُمْ بِكَلِمَةٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ عِنْدَ مَوْتِهِ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ نَجَّزَ عِتْقَهُمْ فِي مَرَضِهِ.

قَوْلُهُ: (فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ) هَذَا نَصٌّ فِي اعْتِبَارِ الْقُرْعَةِ شَرْعًا.

قَوْلُهُ: «لَوْ شَهِدْته قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ» إلى آخره، هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْقَوْلِ الشَّدِيدِ، وَفِيهِ تَغْلِيظٌ شَدِيدٌ وَذَمٌّ مُتَبَالَغٌ، وَذَلِكَ لأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَأْذَنْ لِلْمَرِيضِ بِالتَّصَرُّفِ إلا فِي الثُّلُثِ، فَإِذَا تَصَرَّفَ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ كَانَ مُخَالِفًا لِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَمُشَابِهًا لِمَنْ وَهَبَ غَيْرَ مَالِهِ. وَالْحَدِيثَانِ يَدُلانِ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ إنَّمَا تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ كَانَتْ مُنْجَزَةً فِي الْحَالِ.

بَابُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَ وَرَثَتُهُ هَلْ يَجِبُ تَنْفِيذُهَا

٣٢٨٩- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ الْعَاصِ بْنَ وَائِلٍ أَوْصَى أَنْ يَعْتِقَ عَنْهُ مِائَةُ رَقَبَةٍ، فَأَعْتَقَ ابْنُهُ هِشَامٌ خَمْسِينَ رَقَبَةً، فَأَرَادَ ابْنُهُ عَمْرٌو أَنْ يَعْتِقَ عَنْهُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أَبِي أَوْصَى بِعِتْقِ مِائَةِ رَقَبَةٍ، وَإِنَّ هِشَامًا أَعْتَقَ عَنْهُ خَمْسِينَ رَقَبَةً وَبَقِيَتْ خَمْسُونَ رَقَبَةً، أَفَأَعْتِقُ عَنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ بَلغهُ ذَلِكَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَوْصَى بِقُرْبَةٍ مِنْ الْقُرَبِ لَمْ يَلْحَقْهُ ذَلِكَ لأَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ، وَهَكَذَا لا يَلْحَقُهُ مَا فَعَلَهُ قَرَابَتُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ وَصِيَّةِ الْكَافِرِ. انتهى ملخصُا.

<<  <  ج: ص:  >  >>