للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَتْحُ الْمَشْهُورُ: وَهُوَ الَّذِي يُلَيِّنُ فِي قَوْلِهِ وَيَتَكَسَّرُ فِي مِشْيَتِهِ وَيَتَثَنَّى فِيهَا كَالنِّسَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ خِلْقَةً وَقَدْ يَكُونُ تَصَنُّعًا مِنْ الْفَسَقَةِ، وَمَنْ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ خِلْقَةً فَالْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لا أَرَبَ لَهُ فِي النِّسَاءِ، وَلِذَلِكَ كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْدُدْنَ هَذَا الْمُخَنَّثَ مِنْ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ، وَكُنَّ لا يَحْجُبْنَهُ إلا إنْ ظَهَرَ مِنْهُ مَا ظَهَرَ مِنْ هَذَا الْكَلامِ.

قَوْلُهُ: (تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ) الْمُرَادُ بِالأَرْبَعِ هِيَ الْعُكَنُ جَمْعُ عُكْنَةٍ، وَلِكُلِّ عُكْنَةٍ طَرَفَانِ، فَإِذَا رَآهُنَّ الرَّائِي مِنْ جِهَةِ الْبَطْنِ وَجَدَهُنَّ أَرْبَعًا وَإِذَا رَآهُنَّ مِنْ جِهَةِ الظَّهْرِ وَجَدَهُنَّ ثَمَانِيًا.

قَوْلُهُ: «أَرَى هَذَا» إلَى آخره بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا يَدُلُّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُ لا يَعْرِفُ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِ النِّسَاءِ وَلا يَخْطِرُ لَهُ بِبَالٍ، وَيُشْبِهُ أَنَّ التَّخْنِيثَ كَانَ فِيهِ خِلْقَةً وَطَبِيعَةً وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ إلا ذَلِكَ، وَلِهَذَا كَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ.

قَوْلُهُ: (وَأَخْرَجَهُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ: إخْرَاجُ الْمُخَنَّثِ وَنَفْيِهِ كَانَ لِثَلاثَةِ مَعَانٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَانَ يُظَنُّ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ ثُمَّ لَمَّا وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ الْكَلامُ زَالَ الظَّنُّ. وَالثَّانِي: وَصْفُ النِّسَاءَ وَمَحَاسِنَهُنَّ وَعَوْرَاتِهِنَّ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَطَّلِعُ من النِّسَاءَ وَأَجْسَامَهُنَّ وَعَوْرَاتِهِنَّ عَلَى مَا لا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلُ جَوَازِ الْعُقُوبَةِ بِالإِخْرَاجِ مِنْ الْوَطَنِ لِمَا يُخَافُ مِنْ الْفَسَادِ وَالْفِسْقِ، وَجَوَازِ الإِذْنِ بِالدُّخُولِ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ لِلْحَاجَةِ.

بَابٌ فِي نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ

٣٤٤٩- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَيْمُونَةَ، فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ. وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِالْحِجَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ... «احْتَجِبَا مِنْهُ» . فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَعْمَى لا يُبْصِرُنَا وَلا يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا، أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ» ؟ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

٣٤٥٠- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>