للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ: «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: أَيْ أَحَقُّ الشُّرُوطِ بِالْوَفَاءِ شُرُوطُ النِّكَاحِ لأَنَّ أَمْرَهُ أَحْوَطُ وَبَابَهُ أَضْيَقُ. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: الشُّرُوطُ فِي النِّكَاحِ مُخْتَلِفَةٌ، فَمِنْهَا: مَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ اتِّفَاقًا وَهُوَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ وَمِنْهَا: مَا لا يُوَفَّى بِهِ اتِّفَاقًا كَسُؤَالِ الْمَرْأَةِ طَلاقَ أُخْتِهَا وَمِنْهَا: مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ كَاشْتِرَاطِ أَنْ لا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لا يَتَسَرَّى أَوْ لا يَنْقُلَهَا مِنْ مَنْزِلِهَا إلَى مَنْزِلِهِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اشْتِرَاطِ الْمَرْأَةِ أَنْ لا يُخْرِجُهَا زَوْجُهَا مِنْ بَلَدِهَا فَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

مِنْ الصَّحَابَةِ، قَالَ: وَمِنْهُمْ عُمَرُ، أَنَّهُ يَلْزَمُ، قَالَ: وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: إِذَا شَرَطَ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ فِي الْعَقْدِ أَو اتَّفَقَا قَبْلَهُ أَن لا يُخْرِجهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ لا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لا يَتَسَرَّى أَوْ إِنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَهَا تَطْلِيقَهَا صَحَّ الشَّرْط، وَهُوَ مَذْهَبُ الإِمَامِ أَحْمَد. وَلَوْ خَدَعَهَا فَسَافَرَ بِهَا ثُمَّ كَرِهَتْهُ لَمْ يُكْرِهْهَا، وَمَنْ شَرَطَ لَهَا أَنْ يُسْكِنْهَا مَنْزِلَ أَبِيهِ فَسَكَنَتْ ثُمَّ طَلَبَتْ سُكْنَى مُنْفَرِدَة وَهُوَ عَاجِزٌ لَمْ يَلْزِمْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ بَلْ لَوْ كَانَ قَادِرًا فَلَيْسَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ، وَهُوَ أَحّدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدٍ وَغَيْرِهِ غَيْرَ مَا شَرَطَا لَهَا، وَإِنْ شَرَطَ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ خِيَارًا صَحَّ الْعَقْدِ وَالشَّرْطِ، وَإِنْ شَرَطَهَا بِكْرًا أَوْ جَمِيلَة أَوْ ثَيِّبًا فَبَانَتْ بِخِلافِهِ ملْك الْفَسْخِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَدٍ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ تُحَافِظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَتَرَكَتْهُ فِيمَا بَعْدُ مَلَكَ الْفَسْخُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

بَابُ نِكَاحِ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ

٣٥١٠- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الزَّانِي الْمَجْلُودُ لا يَنْكِحُ إلا مِثْلَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

٣٥١١- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ مَهْزُولٍ كَانَتْ تُسَافِحُ، وَتَشْتَرِطُ لَهُ أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَاسْتَأْذَنَ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ ذَكَرَ لَهُ أَمْرَهَا، فَقَرَأَ عَلَيْهِ نَبِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>