للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبيًّا. وإنما كانت الأنبياء من بني إسرائيل بعد موسى يُبعثون إليهم بتجديد ما نُسوا من التوراة، فكان إلياس مع ملك من ملوك بني إسرائيل، يقال له: أحاب، وكان اسم امرأته: أربل، وكان يسمع منه ويصدّقه، وكان إلياس يقيم له أمره، وكان سائر بني إسرائيل قد اتخذوا صنمًا يعبدونه من دون الله يقال له: بعل. قال ابن إسحاق: وقد سمعت بعض أهل العلم يقول: ما كان بعل إلا امرأة يعبدونها من دون الله.

يقول الله لمحمد: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ} فجعل إلياس يدعوهم إلى الله، وجعلوا لا يسمعون منه شيئًا إلا ما كان من ذلك الملك، والملوك متفرّقة بالشام، كل ملك له ناحية منها يأكلها، فقال ذلك الملك - الذي كان إلياس معه يقوّم له أمره ويراه على هدى من بين أصحابه - يومًا: يا إلياس، والله ما أرى ما تدعو إليه إلا باطلاً، والله ما أرى فلانًا وفلانًا بعد، وملوكًا من ملوك بني إسرائيل قد عبدوا الأوثان من دون الله، إلا على مثل ما نحن عليه، يأكلون، ويشربون، وينعمون مملكين ما ينقص دنياهم أمرهم الذي تزعم أنه باطل، وما نرى لنا عليهم من فضل، فيزعمون - والله أعلم - أن إلياس استرجع، وقام شعر رأسه وجلده، ثم

رفضه وخرج عنه، ففعل ذلك الملك فعل أصحابه، عبد الأوثان، وصنع ما يصنعون، فقال إلياس: اللهمّ إن بني إسرائيل قد أبوا إلا أن يكفروا بك، والعبادة لغيرك، فغيّر ما بهم من نعمتك، أو كما قال.

وقوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} ، قال ابن جرير يقول: فإنهم لمحضرون في عذاب الله فيشهدونه، إلا عباد الله الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>