قال ابن كثير: يقول تعالى: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره، {مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} ليعترفن بأن الخالق لذلك هو الله وحده لا شريك له، وهم مع هذا يعبدون معه غيره من الأصنام والأنداد؛ ثم قال تعالى: ... {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً} أي: فراشًا، {وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} . وعن قتادة:{وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} كما أحيا الله هذه الأرض الميتة بهذا الماء، وكذلك تبعثون يوم القيامة.
{وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا} ، قال البغوي: أي: الأصناف كلها، {وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} في البر والبحر ... {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} ذكر الكناية لأنه ردها إلى (ما){ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} بتسخير المراكب في البر والبحر ... {وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} مطيقين،
{وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} ، قال ابن كثير: أي: لصائرون إليه بعد مماتنا، وإليه مسيرنا الأكبر؛ وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا على سير الآخرة كما نبه بالزاد الدنيوي على الزاد الأخروي في قوله تعالى: ... {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} وباللباس الدنيوي على الأخروي في قوله تعالى: {وَرِيشاً وَلِبَاسُ