للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشبه به، لادِّعاء أن المشبه أتم وأظهر من المشبه به في وجه الشبه - ويسمى ذلك (بالتشبيه المقلوب) (١) أو المعكوس - نحو: كأن ضوء النهار جبينُه - ونحو: كأن نشر الروض حسن سيرته - ونحو: كأن الماء في الصفاء طباعه - وكقول محمد بن وهيب الحميري (٢)

وبدا الصباح كأن غرّته وجهُ الخليفة حين يُمتدحُ

(شبه غرة الصباح، بوجه الخليفة، إبهاماً أنه أتم منها في وجه الشبه وكقول البحتري في وصف بركة المتوكل:

كأنها حين لجَّت في تدفقها يد الخليفة لمّا سال واديها (٣)

وهذا التشبيه مظهرٌ من مظاهر الإفتنان والابداع، كقوله تعالى حكاية عن الكفار (إنما البيعُ مثل الربا) في مقام أن الربا مثل البيع عكسوا ذلك لإيهام أن الربا عندهم أحلّ من البيع، لأن الغرض الرِّبح وهو أثبتُ وجوداً في الربا منه في البيع، فيكون أحق بالحل عندهم.


(١) يقرب من هذا النوع ما ذكره الحلبي في كتاب حسن التوسل وسماه «تشبيه التفضيل» وهو أن يشبه شيء بشيء لفظاً أو تقديراً، ثم يعدل عن التشبيه لادعاء أن المشبه أفضل من المشبه به - كقوله:
... حسبت جمالها بدراً منيراً وأين البدر من ذاك الجمال
(٢) فالحميري أراد أن يوهم أن وجه الخليفة أتم من غرة الصباح اشراقا ونورا
(٣) فالبحتري أراد أن يوهم أن يد الخليفة أقوى تدفقاً بالعطاء من البركة بالماء.

<<  <   >  >>