للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني عشر في المجاز المركب (١) بالاستعارة التمثيلية

المجاز المركب بالاستعارة التمثيلية: هو تركيب استعمل في غير ما وضع له، لعلاقة المشابهة، مع قرينة مانعة من إرادة معناه الوضعي، بحيث يكون كل من المشبه والمشبه به هيأة منتزعة من متعدد - وذلك بأن تشبه إحدى صورتين منتزعتين من أمرين، أو أمور (بأخرى) ثم تدخل المشبه في الصورة المشبه بها مبالغة في التشبيه - ويسمى بالاستعارة التمثيلية (٢) وهي كثيرة الورود في الأمثال السائرة، نحو: الصيف ضيعت اللبن - يضرب لمن فرط في تحصيل أمر في زمن يمكنه الحصول عليه فيه، ثم طلبه في زمن لا يُمكنه الحصول عليه (٣)

فيه، ونحو: (إني أراك تقدم رجلاً وتؤخر اخرى) يصرب لمن يتردد


(١) المجاز المركب: هو تركيب استعمل في ما يشبه بمعناه الأصلي (تشبيه التمثيل) .
(٢) سميت تمثيلية مع أن التمثيل عام في كل استعارة، للاشارة إلى عظم شأنها كأن غيرها ليس فيه تمثيل أصلا - إذ الاستعارة التمثيلية مبينة على تشبيه التمثيل، ووجه الشبه فيه هيئة منزعة من متعدد - لهذا كان أدق أنواع التشبيه، وكانت الاستعارة المبنية عليه أبلغ أنواع الاستعارات - ولذلك كان كل من تشبيه التمثيل، والاستعارة التمثيلية غرض البلغاء.
(٣) أصل المثل: أن امرأة كانت متزوجة بشيخ غني فطلبت طلاقها منه في زمن الصيف لضعفه - فطلقها وتزوجت بشاب فقير، ثم طلبت من مطلقها لبنا وقت الشتاء فقال لها ذلك المثل - واجراء الاستعارة في المثل الأول، أن يقال: شبهت هيئة من فرط في أمر زمن امكان تحصيله، بهيئة المرأة التي طلقت من الشيخ اللابن، ثم رجعت إليه، تطلب منه اللبن شتاء، بجامع التفريط في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية واجراء الاستعارة في المثل الثاني، أن يقال: شبهت هيئة من يتردد في أمر بين أن يفعله وألا يفعله بهيئة من يتردد في الدخول، فتارة يقدم رجله، وتارة يؤخرها بجامع الحيرة في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية.
واجراء الاستعارة في المثل الثالث، شبهت هيئة من يظلم من وجهين، بهيئة رجل باع آخر تمراً رديئاً وناقص الكيل بجامع الظلم من وجهين في كل واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية.
واجراء الاستعارة في المثل الرابع: شبهت هيئة الرجل المتستر تحت أمر ليحصل على أمر خفي يريده - بهيئة الرجل المسمى (قصيراً) حين جدع أنفه ليأخذ بثأر (جذيمة) من (الزباء) بجامع الاحتيال في كل واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية.
واجراء الاستعارة في المثل الخامس، أن يقال شبهت هيئة رجل كريم الأصل عزيز النفس، الذي لا يفضل الدنايا على الرزايا عند ما تزل به القدم، بهيئة المرأة التي تفضل جوعها على إجارتها للارضاع عند فقرها بجامع ترجيح الضرر على النفع في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية.
واجراء الاستعارة في المثل السادس، شبهت هيئة من يريد أن يعمل عملا وحده وهو عاجز عنه، بهيئة من يريد أن يصفق بيد واحدة، بجامع العجز في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به، للمشبه، على سبيل الاستعارة التمثيلية. واجراء الاستعارة في المثل السابع، شبهت هيئة الرجل الذي يحصل بوجوده فصل المشكلات، بهيئة نبي الله موسى عليه السلام، مع سحرة فرعون، بجامع حسم النزاع في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التمثيلية، واجراء الاستعارة في المثل الثامن، شبهت هيئة الرجل الذي لا يقول إلا الحق ولا يخبر إلا بالصدق، بهيئة المرأة المسماة «جذام» بجامع الصدق في كل، واستعير الكلام الموضوع للمشبه به للمشبه، على طريق الاستعارة التمثيلية.

<<  <   >  >>