للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعير، ولمن جاء بابي بكر مائة بعير، وصار الناس يطلبون الرجلين في الجبال، وفي الأودية وفي المغارات، وفي كل مكان، حتى وقفوا علي الغار الذي فيه النبي صلي الله عليه وسلم وأبو بكر، وهو غار ثور الذي اختفيا فيه ثلاث ليال، حتى يبرد عهما الطلب، فقال آبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا، لأننا في الغار تحته، فقال: ((ما ظنك باثنين الله ثالثهما)) وفي كتاب الله انه قال: (ِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة: من الآية٤٠) ، فيكون قال الأمرين كلاهما، أي: قال: ((ما ظنك باثنين الله ثالثهما)) وقال (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) . فقوله: ((ما ظنك باثنين الله ثالثهما)) يعني: هل أحد يقدر عليهما بأذية أو غير ذلك؟ والجواب: لا أحد يقدر، لأنه لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع، ولا مذل لمن اعز ولا معز لمن أذل: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: ٢٦) . وفي هذه القصة: دليل علي كمال توكل

النبي صلي الله عليه وسلم علي ربه، وانه معتمد عليه، ومفوض إليه أمره، وهذا هو الشاهد من وضع هذا الحديث في باب اليقين والتوكل. وفيه دليل علي أن قصة نسج العنكبوت غير صحيحة، فما يوجد في بعض التواريخ، أن العنكبوت نسجت علي باب الغار، وانه نبت فيه شجرة، وانه كان علي غصنها حمامة، وان المشركين لما جاءوا إلي الغار

<<  <  ج: ص:  >  >>