للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقبل الحق، فالناس في الضلال قسمان:

قسم تائه: لا يعرف الحق. من النصارى، فإن النصارى ضالون، تائهون، لا يعرفون الحق إلا بعد أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم عرفوا الحق لكنهم استكبروا عنه، فلم يكن بينهم وبين اليهود فرق في أنهم علموا الحق ولم يتبعوه.

وقسم غاو: أي اختار الغي على الرشد بعد أن علم بالرشد، وهؤلاء مثل اليهود، فإن اليهود عرفوا الحق ولكنهم لم يقبلوا، بل ردوه.

ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى) (فصلت: ١٧) ، هداهم الله، وبين لهم، ودلهم، لكنهم استحبوا العمى على الهدى، واستحبوا الغي على الرشد، فالناس كلهم ضالون إلا من هدى الله.

لكن؛ ما هي هداية القسم الأول، وهو الضال الذي لم يعرف الحق؟ هداية القسم الأول: أن يبين الله لهم الحق ويدلهم عليه، وهذه الهداية حق على الله، حق على الله أوجبه الله على نفسه، فكل الخلق قد هداهم الله بهذا المعنى، يعني بمعنى البيان، قال الله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى) (الليل: ١٢) ، وقال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ) (البقرة: ١٨٥) ، هدى للناس عموماً.

ولكن الهداية الثانية، هي هداية التوفيق لقبول الحق، هذه هي التي يختص الله بها من يشاء من عباده، فالهداية هديتان هداية بيان الحق، وهذه عامة لكل أحد، وقد أوجبها الله على نفسه، وبين لعباده الحق من

<<  <  ج: ص:  >  >>