للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ هُوَ الْإِرَادَةَ وَلَا مُسْتَلْزِمًا لَهَا، كَمَا أَثْبَتَ مَعْنَى الْخَبَرِ: أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْعِلْمَ بِإِخْبَارِ الْكَاذِبِ، فَاعْتَمَدَ عَلَى أَمْرِ الْمُمْتَحِنِ وَخَبَرِ الْكَاذِبِ.

لَكِنَّ جُمْهُورَ أَهْلِ السُّنَّةِ لَمْ يَرْضَوْا بِهَذَا الْجَوَابِ، فَإِنَّ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ هُوَ أَمْرًا، وَإِنَّمَا هُوَ إِظْهَارُ أَمْرٍ. وَكَذَلِكَ خَبَرُ الْكَاذِبِ هُوَ قَالَ بِلِسَانِهِ (١) مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، فَخَبَرُ الْكَاذِبِ لَيْسَ خَبَرًا عَمَّا فِي نَفْسِهِ، بَلْ هُوَ إِظْهَارُ الْخَبَرِ [عَمَّا] (٢) فِي نَفْسِهِ، فَصَارَ (٣) أَمْرُ الْمُمْتَحِنِ كَأَمْرِ الْهَازِلِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ الْمَأْمُورُ هَزْلَهُ (٤) ، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ.

وَلِهَذَا إِذَا عَرَفَ الْمَأْمُورُ حَقِيقَةَ (٥) أَمْرِ الْمُمْتَحِنِ [لِيُعَاقِبَهُ] (٦) ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ إِلَّا أَنْ يَعْصِيَهُ، فَإِنَّهُ يُطِيعُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ.

وَالْمُمْتَحِنُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ قَصْدُهُ أَنْ يَعْصِيَهُ الْمَأْمُورُ لِيُعَاقِبَهُ، مِثْلُ هَذَا الْمِثَالِ (٧) . وَنَوْعٌ مُرَادُهُ طَاعَةُ الْمَأْمُورِ وَانْقِيَادُهُ (٨) لِأَمْرِهِ، لَا نَفْسُ (٩) الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، كَأَمْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (١٠) لِلْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَبْحِ ابْنِهِ، وَكَانَ الْمُرَادُ طَاعَةَ إِبْرَاهِيمَ وَبَذْلَ ذَبْحِ ابْنِهِ فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ (١١) ، وَأَنْ يَكُونَ


(١) أ، ب: هُوَ قَالَ يُثْبِتُ أَنَّهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) عَمَّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٣) أ، ب، ع: وَصَارَ.
(٤) عِبَارَةُ الَّذِي لَمْ يَعْلَمِ الْمَأْمُورُ هَزْلَهُ، سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) وَفِي (ع) : أَمْرِ الْمُمْتَحِنِ الْهَازِلِ الَّذِي لَمْ يَعْلَمِ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ هَازِلٌ.
(٥) ن: حَقِيقَتَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٦) لِيُعَاقِبَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (ن) .
(٧) ن: لِيُعَاقِبَهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ.
(٨) أ، ب: وَإِنْفَاذُهُ.
(٩) أ، ب: لَا لِنَفْسِ.
(١٠) ن: كَأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، أ، ب: كَأَمْرِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
(١١) ع: فِي مَحَبَّتِهِ أ، ب: فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>