للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلْقُهُ لِهَذَا جَائِزًا، مَعَ أَنَّهُ مَيَّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّادِقِ. كَذَلِكَ خَلَقَ الْكَذَّابَ بِكَذِبِهِ (١) .

الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا خَلَقَ مَنْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ وَهُوَ كَاذِبٌ، فَإِنْ قَالُوا: يَجُوزُ إِظْهَارُ أَعْلَامِ الصِّدْقِ عَلَيْهِ، كَانَ هَذَا مَمْنُوعًا، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ دَعْوَى النُّبُوَّةِ بِلَا عِلْمٍ عَلَى الصِّدْقِ ضَارًّا (٢) ، فَإِنَّ الشَّخْصَ لَوِ ادَّعَى أَنَّهُ طَبِيبٌ أَوْ صَانِعٌ (٣) بِلَا دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ، فَكَيْفَ بِمُدَّعِي (٤) النُّبُوَّةِ؟

وَإِنْ قَالُوا: (٥) إِذَا جَوَّزْتُمْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلُقَ الْكَذِبَ فِي الْكَذَّابِ، فَجَوِّزُوا عَلَيْهِ أَنْ يُظْهِرَ عَلَى يَدَيْهِ أَعْلَامَ الصِّدْقِ.

قِيلَ: هَذَا مُمْتَنِعٌ ; لِأَنَّ أَدِلَّةَ الصِّدْقِ تَسْتَلْزِمُ الصِّدْقَ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْمَدْلُولِ، فَإِظْهَارُ أَعْلَامِ الصِّدْقِ عَلَى [يَدِ] الْكَذَّابِ (٦) مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، فَلَا يُمْكِنُ بِحَالٍ.

وَإِنْ قَالُوا: فَجَوِّزُوا أَنْ يَظْهَرَ عَلَى يَدَيْهِ خَارِقٌ.

قُلْنَا: نَعَمْ، فَنَحْنُ (٧) نُجَوِّزُ أَنْ يَظْهَرَ الْخَارِقُ عَلَى [يَدِ مَنْ] يَدَّعِي (٨)


(١) أ: الْكَذَّابَ بِهِ، ب: الْكَذِبَ بِهِ.
(٢) ن، م: ضَارَّةً.
(٣) ن: صَايِعٌ.
(٤) أ، ب: يَدَّعِي، ن: مُدَّعِي، م: مَنْ يَدَّعِي.
(٥) أ، ب: وَإِذَا قِيلَ، م: فَإِذَا قَالُوا.
(٦) ن، ع: عَلَى الْكَذَّابِ، م: لِلْكَذَّابِ.
(٧) ن، م، ع: وَنَحْنُ.
(٨) ن: عَلَى مُدَّعِي، ع: عَلَى يَدِ مُدَّعِي، أ، ب: عَلَى يَدَيْ مَنْ يَدَّعِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>