للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُرَجِّحًا تَامًّا فِي الْأَزَلِ، وَإِلَّا لَبَطَلَتِ (١) الْحَوَادِثُ، فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ صَدَرَ عَنِ الْمُرَجِّحِ فِي الْأَزَلِ شَيْءٌ [مُقَارِنٌ لَهُ] (٢) فَامْتَنَعَ قِدَمُ الْفَلَكِ.

وَأَيْضًا صَارَ مُرَجِّحًا لِمَا يُرَجِّحُهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَوَجَبَ إِضَافَةُ الْحَوَادِثِ إِلَيْهِ؛ لِوُجُوبِ إِضَافَةِ الْحَوَادِثِ (٣) إِلَى الْمُرَجِّحِ التَّامِّ، فَثَبَتَ أَنَّ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ مُؤَثِّرًا يَتَجَدَّدُ تَأْثِيرُهُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

وَهَؤُلَاءِ إِذَا لَمْ يُثْبِتُوا ذَلِكَ كَانُوا مُعَطِّلِينَ لِحَرَكَةِ الْفَلَكِ وَالْحَوَادِثِ (٤) أَنْ يَكُونَ لَهَا فَاعِلٌ، وَهَذَا التَّعْطِيلُ أَعْظَمُ مِنْ تَعْطِيلِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ [أَنْ يَكُونَ لَهَا مُحْدِثٌ] (٥) .

وَأَيْضًا فَقَدْ جَعَلُوا الْفَلَكَ [يَفْعَلُ] (٦) بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ، كَمَا جَعَلَتِ الْقَدَرِيَّةُ الْحَيَوَانَ يَفْعَلُ بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ كُلِّ حَرَكَةٍ قُدْرَةً (٧) مُقَارِنَةً لِلْحَرَكَةِ؛ لِأَنَّ الْفَلَكَ عِنْدَهُمْ تَحْدُثُ عَنْهُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الْأُولَى، فَشَرْطُ الثَّانِيَةِ انْقِضَاءُ الْأُولَى، كَالَّذِي يَقْطَعُ (٨) مَسَافَةً شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَلَكِنَّ ذَاكَ الَّذِي يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ إِنَّمَا قَطَعَ الثَّانِيَةَ بِقُدْرَةٍ وَإِرَادَةٍ قَامَتْ بِهِ وَحَرَكَاتٍ قَطَعَ بِهَا الثَّانِيَةَ، فَالْفَاعِلُ تَجَدَّدَ لَهُ مِنَ الْإِرَادَةِ وَالْقُوَّةِ مَا قَطَعَ بِهِ الْمَسَافَةَ الثَّانِيَةَ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَجَدَّدَ لِلْفَلَكِ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ


(١) أ: فَبَطَلَتْ، ب: بَطَلَتْ.
(٢) مُقَارِنٌ لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٣) ن، م، ع: الْحَادِثِ.
(٤) ب فَقَطْ: وَلِلْحَوَادِثِ.
(٥) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٦) يَفْعَلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٧) أ، ب: عِنْدَ ذَلِكَ حَرَكَةً وَقُدْرَةً.
(٨) ن، م: قَطَعَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>