للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْدَعَهُ، وَأَحْدَثَهُ، وَصَنَعَهُ، (١ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي الْعِبَارَاتِ الَّتِي تَقْتَضِي أَنَّ الْمَفْعُولَ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ١) (١) (٢ وَأَنَّ مَا فَعَلَهُ بِقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ قُدِّرَ دَوَامُ كَوْنِهِ فَاعِلًا بِقُدْرَتِهِ، وَإِرَادَتِهِ ٢) (٢) .

فَعُلِمَ أَنَّ إِرَادَتَهُ لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فِي الْأَزَلِ [مُمْتَنِعٌ] (٣) ; لِأَنَّ إِرَادَةَ وُجُودِهِ تَقْتَضِي إِرَادَةَ وُجُودِ لَوَازِمِهِ ; لِأَنَّ وُجُودَ الْمَلْزُومِ بِدُونِ [وُجُودِ] (٤) اللَّازِمِ مُحَالٌ، فَتِلْكَ الْإِرَادَةُ الْقَدِيمَةُ لَوِ اقْتَضَتْ وُجُودَ مُرَادٍ مُعَيَّنٍ فِي الْأَزَلِ لَاقْتَضَتْ وُجُودَ لَوَازِمِهِ، وَمَا مِنْ وُجُودٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْمُرَادَاتِ إِلَّا. وَهُوَ مُقَارِنٌ لِشَيْءٍ آخَرَ (٥) مِنَ الْحَوَادِثِ كَالْفَلَكِ الَّذِي لَا يَنْفَكُّ عَنِ الْحَوَادِثِ، وَكَذَلِكَ الْعُقُولُ وَالنُّفُوسُ الَّتِي يُثْبِتُهَا هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةُ هِيَ لَا تَزَالُ مُقَارِنَةً لِلْحَوَادِثِ، وَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الْحَوَادِثَ مَعْلُولَةٌ لَهَا، فَإِنَّهَا مُلَازِمَةٌ مُقَارِنَةٌ لَهَا عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.

وَذَلِكَ أَنَّ الْحَوَادِثَ مَشْهُودَةٌ فِي الْعَالَمِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ لَمْ تَزَلْ مُقَارِنَةً لِلْعَالَمِ، أَوْ تَكُونُ حَادِثَةً فِيهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، فَإِنْ لَمْ تَزَلْ مُقَارِنَةً لَهُ ثَبَتَ أَنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَزَلْ مُقَارِنًا لِلْحَوَادِثِ، وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهَا حَادِثَةٌ فِيهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ كَانَ الْعَالَمُ خَالِيًا عَنِ الْحَوَادِثِ، ثُمَّ حَدَثَتْ فِيهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي حُدُوثَ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَكَمَا سَلَّمُوهُ هُمْ.


(١) (١ - ١) : الْكَلَامُ الَّذِي يُقَابِلُ هَذَا السَّطْرَ فِي نُسْخَةِ: ن (فَقَطْ) (ص ١٦) نَاقِصٌ وَمُضْطَرِبٌ.
(٢) (٢ - ٢) بَدَلًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ جَاءَ فِي أ، ب: وَأَنَّ (ب: وَأَنَّهُ) فَعَلَهُ بِقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ.
(٣) مُمْتَنِعٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٤) وُجُودِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) آخَرَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (أ) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>